الأردن والصندوق.. ضغوطات من كل الاتجاهات / سلامة الدرعاوي

الأردن والصندوق.. ضغوطات من كل الاتجاهات

المفاوضات الجارية حاليا بين الأردن وصندوق النقد الدولي صعبة للغاية وعلى غير العادة، فالظروف التي تمر بها المملكة لا تساعد المفاوض الأردني على المناورة في ظل محدودية الخيارات أو حتى عدمها، ما يجعل الضغوط تتزايد على الحكومة من كل الاتجاهات هذه المرة.
الحدود الأردنية العراقية مازالت مغلقة، ما يعني أن التوقعات بارتفاع الصادرات الوطنية 5 بالمائة في سنة 2016 أمر صعب المنال، والأوضاع الإقليمية لا تبشر بانفراج قريب، فالأعمال العسكرية بالجوار تتزايد يوما بعد يوم، ما يعني جمود التدفقات الاستثمارية والسياحية القادمة للمملكة، والأوضاع المالية لدى الدول الخليجية هي الاخرى ليست على ما يرام، بسبب هبوط اسعار النفط ودخولهم في حربي سوريا واليمن، ما يعني تراجع أعمالهم وأنشطتهم الاقتصادية الداخلية، وبالتالي احتمالية كبيرة في تسريح عمالة اردنية تعمل هناك، أو ما يعني تراجع حوالات المغتربين في الخارج، ناهيك عن انخفاض، إن لم يكن جمود، المساعدات الخليجية للاردن.
أما على الصعيد الداخلي فحالة الركود تسيطر على معظم القطاعات الاقتصادية من صناعية وتجارية وخدمية، وأرباح الشركات في تراجع واضح، والمعلومات الأولية تشير إلى هبوط في إيرادات الخزينة من الضرائب والرسوم الجمركية، والمحصلة تباطؤ اقتصادي حاد عكس التقديرات الحكومية والمتفق عليها مع الصندوق الذي يستعد الآن لإبرام اتفاق جديد مع الحكومة بتسهيلات مالية تصل لأكثر من ملياري دولار مقابل جملة كبيرة من الشروط والاجراءات الواجب اتباعها من قبل الخزينة.
هذه المرة الاردن مطالب بأن يتخذ إجراءات مالية صارمة تتعلق بكل اشكال الدعم والاعفاءات الممنوحة والتقاعد والضرائب وغيرها من الاجراءات التي في حال القيام بها ستتولد ايرادات سريعة للخزينة على المدى القصير، لكن على المديين المتوسط والبعيد فإن الأمر محل اختبار حقيقي، علما بأن التراكمات والتجارب السابقة أثبتت فشل هذه النظرية، وأن الخزينة عادة ما تخسر الكثير بعد سلسلة إجراءات جبائية سريعة كما حصل حديثا.
الخطورة في الموضوع الراهن ليس المتعلق بالاتفاق المقبل مع الصندوق، فقد يكون هذا أهون الامور حاليا، فهناك مستحقات قمة لندن الخاصة بدعم اللاجئين، فعملية إقرار معايير استحقاق المملكة لتلك المساعدات أمر هو الآخر مناط بشهادة صندوق النفد الدولي الذي يراقب سلوكيات الحكومة المالية، ومدى التزامها بالشروط والمعايير التي تم وضعها للاردن، وفي حال الالتزام بها فإن مسألة صرف المساعدات للمملكة ستكون أكثر سهولة، والعكس صحيح.
الصندوق لا يفهم إلا لغة الأرقام، أما مسألة الظروف السياسية والأمنية والاجتماعية وتحديات الاستقرار الداخلي فهي أمور لا تعنيه ابدا ولا يفهمها، فكل ما يريده اجراءات مالية مقابل منح الحكومة قروضا مالية مختلفة، وهذا هو جوهر الإعوجاج في سياسات الصندوق.
salamah.darawi@gmail.com
salamah.darawi@maqar.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى