المرأة الأردنية في البرلمان / د . رياض الياسين

المرأة الأردنية في البرلمان

ظلت المراة الأدرنية خارج دائرة المشاركة في الحياة السياسية فعليا طيلة عهد الإمارة، حيث تم استبعاد المرأة من المشاركة السياسية كليًا، وبالتالي حُرمت من حقوقها السياسية عدة عقود. وقد جرت العديد من المطالبات والخطابات لمحاولة التخفيف من استبعاد النساء من السياسة وذلك عبر نضال طويل للنسويات الأردنيات، حيث شهدت منتصف الخمسينات محاولات مهمة لتغيير قانون الانتخاب من أجل السماح للمرأة بالمشاركة السياسية، وحدث تحوّل مهم حينها عندما قرر البرلمان منح المرأة الحاصلة على التعليم الابتدائي الحق بالتصويت فقط دون الترشح، لكن بعد أن تم حل البرلمان وإقالة حكومة سليمان النابلسي، ألغيت جميع القرارات التي اتخذها هذا البرلمان ومن ضمنها قرار منح المرأة الحق بالتصويت.
وبعد كفاح طويل حصلت المرأة على الحق في الترشح للمجالس النيابية وانتخابها لأول مرة في عام 1974، بموجب قانون رقم 8 لسنة 1974، فقد نصت المادة (2) من القانون على ما يلي: «يعدل تعريف كلمة (أردني) الواردة في الفقرة (أ) من المادة (2) من القانون الأصلي بشطب كلمة (ذكر) الواردة فيه والاستعاضة عنها بعبارة (ذكرًا كان أم انثى)».
وبعد صدور هذا القانون كانت أول مشاركة للمرأة في المجالس الرسمية في عام 1978 في ما سمي آنذاك بالمجلس الوطني الاستشاري، وهو مجلس تم تشكيله بالتعيين في الأعوام (1978-1984) لسد الفراغ الدستوري في فترة تجميد الحياة البرلمانية على إثر حرب عام 1967، وشهد المجلس ثلاث دورات مدة كل منها سنتين، ولم يكن له أي صلاحيات لها علاقة بالتشريع، ولم يحق له أن يستجوب الحكومة بل أن يساءلها فقط. حينها عين الملك ثلاث نساء من أصل 60 مقعدًا وهن: إنعام المفتي، ووداد بولص، ونائلة الرشدان.
أما التحول الفعلي في الحياة السياسية والبرلمانية فكان مع انتخابات 1989 ،فقد شاركت المراة الأردنية ولأول مرة كناخبة ومرشحة، لكنها لم تحصل على أي مقعد في مجلس النواب عام 1989، في حين فازت مرشحة واحدة بعضوية مجلس النواب في العام 1993 هي توجان فيصل وكانت المرة الأولى في تاريخ البلاد التي تفوز فيها امرأة بمقعد بالبرلمان، ليعود الرقم الى الصفر في عام 1997 ، تم تعديل قانون الانتخابات المؤقت في العام (2003) لإدخال نظام الكوتا النسائية من خلال تم تخصيص (6) مقاعد للنساء( من أصل 110) في البرلمان، وإعتبار (المملكة) دائرة واحدة في الانتخابات النسوية بحيث يتم اختيار أعلى ( (6نساء حاصلات على أعلى نسب من الأصوات على مستوى المملكة.

عزز نظام الكوتا مشاركة المرأة في الحياة السياسية ، فقد بلغ عددهن في مجلس النواب الخامس عشر سبع سيدات نتيجة فوز النائب فلك الجمعاني خارج نظام الكوتا. اما في المجلس السادس عشر فبلغ حضور المرأة 12 مقعدا،في حين حصدت النساء في المجلس السابع عشر 18 مقعدا منها ثلاثة بصورة تنافسية و15 مقعدا بالكوتا من اصل 150 مقعدا، لتصل النسبة الى 12% وهي النسبة الأعلى في تاريخ المشاركة السياسية للمرأة في الأردن.
أما في القانون الانتخابي الجديد لسنة 2016 والذي ستجرى على اساسه انتخابات المجلس الثامن عشر، فقد أشارت الفقرة (أ) من المادة التاسعة من القانون على أنه:” يتم الترشح لملء المقاعد النيابية المخصصة للدائرة الانتخابية بطريق القائمة النسبية المفتوحة”. حيث تضم القائمة عدداً من المرشحين لا يقل عن ثلاثة ولا يزيد عن عدد المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية.وأشار البند الثاني من الفقرة (د) من نفس المادة الى أن على المرشحات عن المقاعد المخصصة للنساء الترشح ضمن قوائم، كما أنه لا يتم إحتساب المرشحة وفقاً لذلك من ضمن الحد الأعلى للمرشحين في القائمة.

ولم يتضمن القانون منع المراة الحصول على مقاعد إضافية أي ان تتنافس خارج الكوتا على مستوى الدوائر الانتخابية، بمعنى ان مقاعد الكوتا المخصصة في المجلس الثامن عشر ستكون 15 مقعدا مضمونة للمرأة بواقع مقعد لكل محافظة، ويمكنها أن تفوز بمقاعد اكثر في حال ترشحت خارج الكوتات اي بالتنافس.
ومن المتوقع ان ترتفع عدد المقاعد التمثيلية للمراة في البرلمان القادم ،حيث تشير الأرقام الى ان نسبة النساء المرشحات 20% من المجموع العام، بواقع 258 مرشحة من أصل 1293 مرشحا ومرشحة. وهي النسبة الأعلى مقارنة بالدورات السابقة. فقد وصل مثلا عدد النساء المرشحات بانتخابات 2013 إلى نسبة 1و14% مرشحة على الدوائر المحلية والقوائم (215 مرشحة من أصل 1528 مرشحا)، وفقا لأرقام الهيئة المستقلة للانتخاب.

مقالات ذات صلة

تدرك الدولة الأردنية أهمية حضور المراة ومشاركتها في الحياة السياسية إيمانا منها أن ذلك يعتبر جزءاً أساسياً من عملية التنمية عموما والتنمية السياسية خصوصا. حيث ُتعتبرالأردن من أوائل الدول التي أقرت الاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي أعطى الحق لكل شخص رجل او امرأة في التمتع بحرية الرأي والتعبير ، والاردن من أوائل الدول الموقعة على العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، والعهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يقضي بمساواة الرجال والنساء ،كذلك إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، حيث شكل ذلك رافعة قوية ً لتنامي حقوق النساء الأردنيات ، وخطوة على طريق تمكينهن من المشاركة في الحياة السياسية ، بالإضافة الى تمكين المرأة في قانوني الاحزاب والانتخابات مما يعني المزيد من الحقوق المدنية والسياسية.

rhyasen@hotmail.com

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى