فرح مرقه: سؤال برسم الاجابة للوليد بن طلال وجمال خاشقجي.. محمود عباس باقٍ ويتمدد على تحليلات bbc.. والقناة العبرية حين تحمي حقوق نشأت ملحم!.. وبين الميادين والجزيرة أظلّ “متضامنة مع مضايا”..

قناة العرب.. إلى متى؟

التقيت عددا من الزملاء الإعلاميين الذين كانت أعينهم تلتمع قبل حوالى العام تحت عنوان “نجم العرب المقبل”، كونه قد وقّع عقدا مع القناة التي كان من المفترض لها أن تنطلق في المنامة العاصمة البحرينية.
كنت قبل عام أسمع من الاصدقاء في قناة العرب حكايات عن “التعب والارهاق” اللذيذين الذين يقوموا بهما خلال تدريبهم وتحضيرهم للانطلاق، الأمر الذي أستطيع أن أجزم أنه ما عاد موجودا، فالوجوه ما عادت تفسّر، خصوصا أمام سؤال “ماذا سيحدث لقناتكم”، فالجواب دوما ابتسامة باهتة يليها محاولة تقصّي من حديثي شخصيا ان كان لديّ معلومات عنهم.
بالنسبة إليّ قصة توقّف القناة المملوكة للأمير السعودي الوليد بن طلال، كانت فصلا جديدا من حكاية فشلنا كعرب “وهنا لا اقصد القناة” من احترام الاخر والاستماع لرأيه، فحادثة افتتاح القناة ثم اغلاقها في غضون ساعات بعدما أوردت رأيا من المعارضة البحرينية كلّنا نذكرها، ولكن السؤال بقي متمحورا حول ماذا بعد؟.
معظم من اصطفتهم القناة مهنيون محترفون أو شباب من ذوي الشراسة المهنية المعروفة، جميعهم اليوم يجلسون في منازلهم سواء كانت في العاصمة الاردنية او غيرها او حتى في قبرص المرشحة الابرز لاحتضان التجربة من جديد، وكلّهم ملّوا الانتظار وتيبّست اصابعهم التي كانوا ينقشون بها النشرات، كما حناجرهم التي أعدّت للقراءة والحوار.
نحن اليوم بانتظار قناة جديدة مؤمّلة، انتقلت من مكان الى اخر دفاعا عن حقها في مواجهة الحقيقة بالحقيقة المضادة، ولكن ما يدركه الأمير الوليد بن طلال جيدا ومعه المدير الاستاذ جمال خاشقجي، أننا كعرب “بصلتنا محروقة” وما جعلنا ننتظر عاما كاملا اليوم، يضاعف عليهم التحدي ليخرجوا علينا بسرعة واتقان تجعلنا جميعا نشعر بأن انتظارنا لم يكن “عبثا”.. وهنا تحديدا لن أملّ سؤال “متى ستعود العرب؟!”..

**
محمود عباس.. أفلح إن صَمَت..

لا أحد في العالم العربي يلقي بالا لأن يبدي تعليقا إيجابيا على ما أتى في خطاب الرئيس الفلسطيني، ذلك “العائد من الموت” ليقول “باقٍ وأتمدد” دون أي التفات لما يجري في الشارع الفلسطيني “كلّه”، وهنا أعني كل الأرض التي كانت تسمى فلسطين وصارت تسمى فلسطين كما يظل صوت محمود درويش يؤكد ويكرر.
الرئيس محمود عباس الذي انتهت ولايته منذ سنوات ما عدت أعدّها، خرج على الجميع ليقول أنه “هنا” وفقط، دون اي التفات لبطل كان مطارد يسمى نشأت ملحم، أو شاب غزّي قتل برصاص اشقائه المصريين، ولا غيره، الهدف من الظهور كما اعتدنا من “سيادة الرئيس″ كان الظهور فقط.
بالنسبة الي ولكثر ممن اعرفهم فإن زبدة ما نريده جاء على لسان شاب في برنامج “نقطة حوار” على شاشة بي بي سي، وحلقته التي خُصصت لـ”تحليل” (وهنا أضع مليار خط) ما ورد في خطاب الرئيس.
الشاب اجاب على سؤال “ما الرسائل التي وجهها الرئيس في خطابه؟” بأن قال: “مش مهم شو حكى وبحكي.. من شان الله مهم يعمل.. زهقنا خطابات”، وهنا بدأت برأسي أصوات التصفيق.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا: ألم تملّ BBC من تحليل ذات الخطابات لذات الرئيس وتلقّي ذات الاجابات؟!.. أم ذلك قد يكون على الطريقة المصرية “الجمهور عايز كدة؟”.
**

القناة الاسرائيلية حين تحاكينا باحترافيتها..

لست أدري إن كان هناك من يستطيع الضغط على أعصابه كما بدأت أفعل مؤخرا ويحضر برامج قناة i24 news الاسرائيلية الناطقة بالعربية، والتي للأسف جاءت بخلاف توقعاتي، فيها الكثير من السم غير الظاهر ولديها اسلوب “خطير” في ترويج الاحتلال على انه “دولة سلم وسلام واحترام لحقوق الانسان”.
القناة بثت خبر استشهاد نشأت ملحم باحترافية، لو تم فصل الخبر عن سياق الصراع العربي الاسرائيلي، لا بل وظللت صوره مشوها بعد استشهاده برصاص الاحتلال ذاته، كنوع من الايحاء باحترام حقوق الانسان.
بالتأكيد لن أعقّب على نشأت ملحم وما فعله، فأنا أشعر أنني اصغر من ان اكتب حرفا بحقّ ذلك البطل، ولكني لا بد ان اتساءل ان كانت السلطة الفلسطينية “الباسلة” قد علمت أو تعلمت تحت اي شعار الطريقة التي عليها ان تروج فيها لقضيتها “العادلة” دون مغالاة في الشعارات المنطوقة فقط، لتصل لربع ما وصله محتلون لارضها وقمحها وبحرها.
**
متضامنة مع “مضايا”..

بالمناسبة، في حالة مشاهدة قناة اسرائيلية أجد نفسي أكثر تصالحا مع نفسي من مشاهدة تغطية “جوع″ سكان قرية مضايا السورية بين قناتي الجزيرة والميادين، فما تروجه كل قناة تنقضه الأخرى، وبين تشويه صورة المقاومة والممانعة وتشويه صورة أحرار الشام أجد أن أكثر ما تشوّه هو إنسانيتنا التي باتت تخشى حتى ان تتعاطف مع أحد.
عقب مشاهدة الاخبار من الجانبين وجدت نفسي أخشى فعليا التعاطف مع مجاعة القرية حتى لا اجد نفسي كـ “برغي” ضمن ماكينة اعلامية لم أرد ان اكون فيها ولم احب ذلك، فالحرب في سوريا اليوم “خدعة” وكلّ من الجانبين يستفيد منها لصالحه الذي اشعره في النهاية “ليس صالح الانسانية ولا الحرية ولا الحياة الكريمة”.
بعد أن فكرت بهذه الطريقة، بدأ بنفسي الصراع الذي لا أستطيع يوما تجنّبه: كيف لي أن لا أنحاز لطفل جائع، وكيف لدموعٍ أمٍّ أن لا تهزم كبريائي.. لذا فلن أستطيع إلا أن اعلن تعاطفي الكامل مع مجاعة مضايا وكل بيت سوري ينقصه الماء أو الخبز، دون التفكير ان كان سنيّا أو شيعيا، تحت سطوة الممانعة أم المقاومة أم أولئك الداخلين الحرب باسم الله وهو منهم براء.
كاتبة من الاردن

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى