اللي بتعرف راس ماله! / صالح عربيات

اللي بتعرف راس ماله!
وصلني على واتس أب الحكاية التالية: في إحدى الحفلات جلست امرأة على المائدة بجانب برنارد شو.. فسألها بهدوء: سيدتي هل تقبلين أن تمضي معي ليلة بمليون جنيه استرليني؟! فابتسمت المرأة وقالت: طبعا بكل سرور، فعاد وسألها هل من الممكن أن نخفض المبلغ إلى عشرة جنيهات فقط؟!
غضبت المرأة وصرخت في وجهه وقالت: من تظنني أكون؟! فقال لها بهدوء شديد: سيدتي، نحن عرفنا من تكونين، نحن الآن نختلف فقط على الأجر.
حقيقة قبل ما يجلس برنارد شو مع هالمستورة، وقبل ما يعرض عليها مليونا ليخفضها إلى عشرة جنيهات، وقبل أن اتعجب انها لم تفلق رأسه بقنينة لانه فاصلها بطريقة غير مقبولة، مرة كان بكم الخضرة ينادي في الحارة: “ثلاثة كيلو بندورة بدينار”، فاعجبتني البندورة وقلت له: هل هي للبيع يا سيدي؟! فكان الزلمة معصب شوي وقال لي: ها شو لعاد لالتقاط السلفي يعني، ومن ثم سألته مثل برنارد شو هل من الممكن أن نخفض سعر الكيلو إلى عشرة قروش، (صفن) الزلمة وقال لي: ماذا تظن البندورة تنمو على رائحة الكزوزت حتى ابيعك بهذا السعر، فقلت له: نحن اعجبتنا البندورة ونحن الآن نختلف على السعر.. كنت اتوقع أن البائع من الكاظمين الغيظ، لأتبين لاحقا أنه كاظم سعر الديزل، والبندورة دين على الدفتر، وعليه ستة أشهر أجار المنزل، وفواتير الكهرباء والماء، وترخيص البكم، وحماته عنده بالمنزل، وعرس اخوه آخر الشهر.. ليفرغ كل ذلك الغيظ المتراكم بحضرة جنابي، فقد سارع واحضر (الجك) لاحطم أنا شخصيا الرقم العالمي في القفز عن الاسوار وخزانات الماء والحاويات هربا منه، لأنه لو زقطني لكانت زوجتي اكملت العدة فقط قبل عدة أيام!
لذلك مثل قصص برنارد شو الهادئة والحكم منها قد لا تناسبنا خصوصا مع بائعي البندورة وقد تكون النتيجة ست غرز في جبين الرأس، لذلك لدينا في الأردن حكمة مثل حكمة برنارد شو ولكنها للاخ عقلة شو تقول: (اللي بتعرف راس ماله.. طخه).
وهذه هي الحكم اللي بتعبي الرأس، فعقلة ليس لديه وقت لا للجلوس ولا للمفاوضات والله يسامحه ما بعرف الهدوء قنوة أو فشكة وننتهي، فلماذا نخفض ونرفع بالأسعار وكاننا بسوق الحلال حتى نبين الحكمة من بعض المواقف؟
بكل تأكيد ما فعله برنارد شو مع تلك السيدة هو بعد سماعه حكمة عقلة ولكن طبقها بطريقة أكثر رقيا وحضارة فاعجبنا بها ولكن تبقى الحقوق الفكرية محفوظة للاخ عقلة.
في بلادنا لم يعد أحد يطبق حكمة عقلة لانه لو فشخت أحدهم ستصبح بحاجة إلى قوشان أرض لعلاجه وإذا مات كيلو اللحمة بعشرة دنانير لذلك لم يعد هناك من يضرب بوكس وليس قنوة!
فقط هذا المثل مطبق الآن في الحياة السياسية لدينا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى