كِبار وأكابر البلد / د.ناصر نايف البزور

كِبار وأكابر البلد

كَثُر الحديث في السنوات الأخيرة عن تمجيد “كراسي البلد” و عن تسييد “كِبار البلد و أكابره” وعن دورهم و حقّهم في السيادة والريادة والقيادة لمؤسسات هذا الوطن و تسيير مُقدّراته… 🙁 وفي معظم الأحيان فإنّ المقصود بهؤلاء الكِبار و الأكابر هو كلّ صاحب دولة، أو صاحب حظو، أو صاحب سلطة، أو صاحب ثروة، أو كلّ مَن جَمعَ بين الدولة و الحظوة و السلطة و الثروة… 🙁

ولكن فلنتذكّر جميعاً ما جاء في سورة الأنعام مِن إخبار المولى الجبّار جَلَّ في عُلاه عن دور الهدم و الخراب الذي يُمارسه أكابر البلاد حيث قال: “وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا ۖ وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ”

ولنتذكّر كذلك إقرار الضعفاء المساكين بإفساد السادة والكبراء المُضلّين؛ حيث جاء في سورة الأحزاب قوله تعالى:”وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا… رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا”

مقالات ذات صلة

كِن هُنا، فنحن لا نريدُ سادةً و كُبراء و لا سدنةً و أكابر ولا نريدُ كباراً زائفين؛ بل نريد الكبار الحقيقيّين:
فكبارُ الوطَن الحَقيقيّون يا سادة هُم الآباء والأمّهات و الأجداد والجدّات الذين نذروا أنفسهم وبنيهم منذ الأزل لخدمة وفداء حبّات تراب هذا الوطن وصناعة نهضته… 🙂

كبارُ الوطَن الحَقيقيّون يا سادة هُم الذين أسّسوا بالعدل دولته ورعوا بالحقّ وحدته ومَنَعَته مِن نسل أسباط رسول الله وعترته…. 🙂

كبارُ الوطَن الحَقيقيّون يا سادة هُم شهداء الوطن و جنوده الذين خضّبوا بدمائهم الزكية مروج الكرامة وثرى بيت المقدس وأكناف بيته وحياض بيضته… 🙁

كبارُ الوطَن الحَقيقيّون يا سادة هُم رجالاته العِظام بأقوالهم وبأفعالهم مِن أمثال وصفي التل، وهزّاع المجالي، وفراس العجلوني، وحابس المجالي، ومعاذ الكساسبة، و راشد الزيود مِمّن ارتقوا في سبيل حُرّية الوطن وعِزّته… 🙁

كبارُ الوطَن الحَقيقيّون يا سادة هُم رجالُ أمنه الذين على راحة أهله يسهرون وعنه يذودون وهُم حافظون لِقوّتِه وهيبته 🙁

كبارُ الوطَن الحَقيقيّون يا سادة هُم نبلاء شيوخ عشائره الكرام الذين ما انفكّوا يُصلحون ذات البين و يؤلّفون بين قلوب أبناء وطنه و يُنفقون مِن مالهم ووقتهم لإطعام الضيفان والجياع وحفظ سلامة الوطن ورِفعته… 🙂

كبارُ الوطَن الحَقيقيّون يا سادة هُم علماؤه المخلصون الذين ساهموا في بناء صروحه العلمية، والصحيّة، والعمرانية، مِن أساتذة جامعات ومهندسين، وأطبّاء ومعلّمين مِمّن لا يألون جهداً في سبيل سمو الوطن ونهضته … 🙂

كبارُ الوطَن الحَقيقيّون يا سادة هُم التجّار، والفلاّحون، وأصحاب الحِرَف و الأعمال اليدوية الذين تسيل بعرق جبينهم أنهار عطاء هذا الوطن على امتداد رقعته… 🙂

كبارُ الوطَن الحَقيقيّون يا سادة ليسوا مَن انتفعوا، أو انتفخوا، أو انتعشوا، أو استغنوا، أو استقنوا، أو استقووا، أو استشيخوا، أواستوزروا، أو استدولوا، أو استكنزوا، أو استقطعوا أو استمتعوا على حساب دماء جميع شرائح كبارِ الوطَن الحَقيقيّين مِن آباء، ومؤسِّسين، وشهداء، وجنود، وعلماء، وصُنّاع وحرّاثين مِن أهل التضحية والبذل و العطاء في هذا البلد السخيِّ الأبيِّ المِعطاء… 🙂 والله أعلمُ وأحكم

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى