لو كان والدي حيا… / علي الشريف

لو كان والدي حيا …

رحم الله والدي فاني افتقده الان جدا خصوصا وانا في هذا الوضع القاتم المبتلى به الذي يرثى له ويكتب فيه الرثاء…
لو كان والدي حيا لطلبت منه ان يوجه رسالة قرموطية من تحت الدسك يذيلها بان ابني علي مشروع شهيد ويوجهها للريس فلعلي اصبح انسانا ومستشارا لي مكتب وراتب وسيارة واوقع على اوراق لا افهمها واحمل لقب معالي او سعادة او عطوفة ولا اداوم ولا انا مستعد ان ارد على التلفونات .
لو كان والدي حيا فلربما اصبحت شيئا يكتب عني على مواقع التواصل الاجتماعي لكن ابي غادر وتركني مديونا حد العظم حتى ان الديون تتغلغل في نخاعي الشوكي تزيد ولا تنقص حتى صرت اشعر بان الخمسين دينار في جيبي قد اصبحت بئر بترول.
لو كان والدي حيا فلربما اصبح رئيسا للوزراء فيوظفني براتب كبير حيث ساقوم بالكشف عن كافة انواع الخضار والفواكه ولا انسى صلاحية البوليبيف وما بين الفينة والفينة انشر خبرا عن نشاطاتي في صدر الصحف الرسمية فوالدي الريس ولا من حسيب.
لو كان والدي حيا فلربما ومن خلال علاقاته الواسعة تعينت في مجلس الاعيان او ربما اصبحت نائبا وربما تحصلت على وظيفة كبرى بامتيازات وربما تغير شيء من هذا البؤس لكن والدي رحل وترك لي امنيات لن تتحقق ابدا…
لو كان والدي حيا …فلربما اصبح هو رئيسا للوزراء واصبح لي مطعما في الطابق الاخير في بوليفار العبدلي مطلا على عمان بكل جمالها وجراحها….ولربما اصبحت سفيرا ولو حتى في دول الحرب والدمار .
لو كان والدي حيا…. فلربما سيكون شاعرا يكتب الشعر ويلقيه وحين يغضب لاجلي يهدد بالهجاء فيحتار الرئيس باي وظيفه تليق يرميني…فقط ليرضي والدي ويلم الطابق …ويتجنب حروف الشعر وقهره
لو كان والدي حيا فلربما يكون وزيرا…وساحمل بالوراثه لقب معالي وساتحصل على راتب وزير وكل ما افعله ان اوقع على اوراق تاتيني …. ربما اختار وزارة السياحة كوني اشتقت لان اسوح كثيرا كثيرا..كثيرا….وربما ساصنع في بلادي سياحة بين المكاتب.
لكن والدي ليس حيا…. للاسف قد مات .. وماتت كل احلامي وكل وظائفي وكل الاشعار التي ادرجتها وماتت معه كل المقالات التي كتبتها لانها بعد ابي بقيت مجرد كلمات مصفوفه وكلما ابدعت اطل احد ليقول لصاحب القرار….انسى ….. فانا لا اب يحميني ولا ظهر يسندني لقد انكسرت تماما .
كل ما تركه لي والدي كثير من حب هذا الوطن كثير من الصبر وكثير من التعب والشقاء والجفاء والديون …ويا ليته ترك لي بيت شعر واحد اطلقه عند الحاجة واكتب تحته …مشروع شهيد براتب وسيارة ومكتب ، لكن وادي رحل .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى