قراءة في كتب التكليف للحكومات

قراءة في #كتب_التكليف_للحكومات

العميد المتقاعد #زهدي_جانبيك
كيف ولماذا وصلنا الى هنا حيث نعاني من #ازمة #اقتصادية وازمة سياسية وازمة اجتماعية؟ ومن المسؤول عنها وكيف يمكن معالجتها؟
الاصل ان يكون هناك معايير واضحة لقياس النجاح والفشل، وسيكون مقياس #النجاح و #الفشل الذي ساعتمد عليه هو نسبة تحقيق الاهداف التي حددها الملك للحكومات في كتب التكليف السامي.
وخلافا لما اعتاده القراء الكرام في اساليب القياس التي كنت اعتمدها عادة، فلن الجأ اليوم الى المعايير الدولية التي ورطت الحكومة الحالية نفسها بها، وبدلا من ذلك سنعتمد المعايير الاردنية المحلية والارقام والنسب الصادرة عن الحكومة الاردنية حتى نكون اكثر عدالة وموضوعية.
تحديد الاهداف:
ولهذه الغاية سنحاول استنباط الاهداف العامة التي حددها الملك لحكوماته في كتب التكليف التسعة عشر بداية من كتاب التكليف السامي لعبد الرؤوف الروابدة الصادر بتاريخ 04 آذار/مارس 1999 وصولا الى كتاب التكليف السامي لبشر الخصاونة الصادر بتاريخ 07 تشرين الأول/أكتوبر 2020.
وتجدر الاشارة الى ان اكثر كتب التكليف طولا كان الكتاب الموجه الى علي ابو الراغب وبلغ 3004 كلمات، بينما اكثر كتب التكليف قصرا كان الكتاب الموجه الى علي ابو الراغب في حكومته الثالثة وبلغ 673 كلمة ، بينما بلغ معدل طول كتب التكليف السامي بشكل عام 1451 كلمة.
وقد تلخصت الاهداف الرئيسية لكتب التكليف السامي ب:

  1. الاصلاح والتنمية السياسية.
  2. الاصلاح والتنمية الاقتصادية.
  3. الاصلاح والتنمية الاجتماعية.
    ومن المعلوم بالضرورة ان الاصل في الاشياء ان التقدم والتطور والتغيير الايجابي يحتاج الى ثلاثة اركان رئيسية هي:
  4. اهداف واقعية وممكنة.
  5. استراتيجيات وسياسات واجراءات تنفيذية لتحقيق الاهداف.
  6. فريق قادر على تحقيق الاهداف من خلال سياساته واجراءاته.
    قال الملك في كتاب التكليف السامي لعلي ابو الراغب عند تشكيل حكومته الاولى سنة 2000: ” إن المعيار الحقيقي لنجاح الحكومة هو قدرتها على تنفيذ برنامجها والمهام الموكولة إليها عند تكليفها”.
    ركزوا معي: قدرتها على تنفيذ المهام الموكلة اليها بكتاب التكليف…. هذا هو المعيار.
    فاذا لم تتحقق الاهداف فان اللوم يقع على الفريق المنفذ او الفريق الذي يضع السياسات، فاذا كان الفريق نفسه هو الذي يضع السياسات وينفذها فان سبب الفشل يتعلق اما بأهداف خاطئة او ان الفريق فاشل.
    منذ تسلمه سلطاته الدستورية في السابع من شباط 1999 اصدر الملك عبدالله الثاني 19 كتاب تكليف سامي لرؤساء حكومات بلغ عددهم 13 شخصا هم:
  • عبد الرؤوف الروابدة / رئيس مجلس الاعيان
  • علي ابو الراغب، 3 سنوات و 4 شهور
  • فيصل الفايز، سنة و 5 شهور/ رئيس مجلس الاعيان/ رئيس مجلس النواب/ رئيس الديوان الملكي
  • عدنان بدران، سبعة شهور ونصف
  • معروف البخيت ، سنتين و 8 شهور و 14 يوم
  • نادر الذهبي، سنتين و 17 يوم
  • سمير الرفاعي، سنة و 23 يوم
  • عون الخصاونة، 6 شهور و 10 ايام / رئيس الديوان الملكي
  • فايز الطراونة، 5 شهور ونصف / رئيس الديوان الملكي
  • عبدالله النسور، 3 سنوات و 8 شهور
  • هاني الملقي ، سنتين و 6 ايام
  • عمر الرزاز ، سنتين و 4 شهور
  • بشر الخصاونة ، سنتين ونصف
    هؤلاء الرؤساء قاموا باختيار والاستعانة ب فرق اقتصادية وسياسية واجتماعية وعينوهم وزراء ومستشارين لتنفيذ السياسات التي يقومون بوضعها لتنفيذ الاهداف الموصوفة بكتب التكليف السامي منهم:
  • 178 وزيرا تولوا حقيبة وزارية واحدة.
  • 71 وزيرا تولوا حقيبة وزارية مرتين.
  • 36 وزيرا تولوا حقيبة وزارية 3 مرات
  • 24 وزيرا تولوا حقيبة وزارية 4 مرات.
  • 14 وزير تولوا حقيبة وزارية 5 مرات.
  • 4 وزراء تولوا حقيبة وزارية 6 مرات.
  • 7 وزراء تولوا حقيبة وزارية 7 مرات.
  • 4 وزراء تولوا حقيبة وزارية 8 مرات.
  • وزير واحد تولى حقيبة وزارية 12 مرة.
    اي ان حوالي 13 شخصا اصبحوا رؤساء وزراء و 339 شخصا اصبحوا وزراء بعهد الملك عبدالله الثاني واقسموا امامه ان يكونوا مخلصين له وان يحافظوا على الدستور وان يقوموا بالواجبات الموكولة اليهم بادارة 711 وزارة بأمانة خلال ال 24 سنة الماضية.
    الهدف الاول:
    الاصلاح والتنمية السياسية
    وقد لخص الملك معايير النجاح لتحقيق هذا الهدف في :
  1. وضع التشريعات الناظمة للحياة السياسية.
  2. زيادة مشاركة المواطنين وانخراطهم في الانتخابات واتخاذ القرارات.
    وضع التشريعات الناظمة للحياة السياسية:
    قام الملك بتكليف حكومة علي ابو الراغب الاولى سنة 2000 باعداد القوانين السياسية اللازمة فجاء بكتاب التكليف السامي: ” فإنني أتطلع إلى إنجاز قانون انتخابي عصري، يتيح للجميع فرصة المنافسة الحرة الشريفة لتمثيل شرائح المجتمع وتوجهاته الفكرية والسياسية، والإعداد للانتخابات النيابية القادمة، مع الحرص على تلافي الثغرات التنظيمية والإجرائية التي حصلت في الانتخابات السابقة.”
    منذ عام 2000 وهو يكلف حكوماته المتتالية بإعداد القوانين العصرية السياسية، فهل نفذت الحكومات هذا التكليف؟ وهل نجحت فيه؟
    بالتأكيد لا، فقد فشلت الحكومات ال 19 التي شكلها الملك في القيام بواجبها والدليل على ذلك ان الملك نفسه وبعد ان يئس منهم بعد مرور 22 سنة على اول تكليف صريح وواضح، وتكرار هذا التكليف لجميع الحكومات اللاحقة وعجز اي حكومة عن التنفيذ ، لجأ الملك الى تشكيل لجنة ملكية لتنفيذ هذه المهمة. وهذا دليل واضح وصريح على الفشل الذريع لهذه الحكومات في مجال الاصلاح والتنمية السياسية.
    كتب الملك في كتاب التكليف السامي لفيصل الفايز عام 2003:
    “إن أمام الحكومة فرصة كبيرة لإعداد قوانين عصرية تساهم بإنجاح التنمية السياسية التي نريد: قانون أحزاب متطور وقانون انتخابات ديمقراطي تجرى بموجبه الانتخابات البرلمانية لعام 2007 وانفتاح سياسي على فعاليات المجتمع كافة.”
    المشاركة السياسية:
    بدأت الحكومات عملها بموجب كتب التكليف عام 1999 وكانت نسبة الاقتراع في اخر انتخابات عام 1997 ما يقارب 45% على الرغم من مقاطعة نصف الاحزاب للانتخابات، وبعد ان عملت ال 19 حكومة لمدة 23 سنة اوصلتنا بسياساتها الخرقاء الى نسبة مشاركة بلغت في اخر انتخابات عام 2020 ما يقارب 29.99% وهي ادنى نسبة بتاريخ الانتخابات.
    فهل فشلت الحكومات المتتالية في تحقيق الاهداف المرسومة لها بكتب التكليف ؟
    للاسف نعم فشلت فشلا ذريعا على الرغم من كل الدعم الملكي لها، وبدلا من تحقيق اي تقدم او على الاقل المحافظة على الوضع كما تسلمته ، تسببت بتراجع كبير وفشل غير مسبوق تتحمل جميع الحكومات ال 19 مسؤوليته ويجب محاسبتها عليه.
    لقد وردت كلمة المشاركة في اكثر من 46 فقرة من كتب التكليف السامي ومع ذلك لم تلق اي اهتمام من الحكومات المتتالية بل كادت بعض الحكومات ان تتسبب بكارثة لعجزها عن توضيح وتسويق الاقاليم التنموية ،
    جاء في كتاب التكليف السامي لحكومة معروف البخيت الاولى سنة 2005:
    “والديمقراطية، كما هو معروف، ثقافة وممارسة وليس مجرد شعارات ترفع في المناسبات، ولهذا فإن الحكومة مطالبة بمأسسة عملية الإصلاح والتحديث والتطوير. وإننا نجد في توصيات لجنتي الأجندة الوطنية والأقاليم ما يمكن أن يعد هاديا ومرشدا للحكومة للاستناد إليها في تبني برنامج الإصلاح الشامل اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا.
    وفي ضوء مخرجات هاتين اللجنتين فالحكومة مطالبة بإعداد جملة قوانين في شكل سريع وعاجل ولكن يجب أن تتوخى العصرية والعدالة والمتغيرات، والقوانين المقصودة هي قانون جديد للانتخاب وآخر للأحزاب وثالث للبلديات وبما يسمح بتجديد حياتنا السياسية والبرلمانية ويضمن مشاركة أوسع في عملية صنع القرار، ويسهم في وضع بلدنا على خريطة الدول الخلاقة والصاعدة التي تتفاعل مع المتغيرات وتتكيف معها، وفق مصالح شعبنا في عصر تعصف فيه رياح العولمة وتحتدم فيه المنافسة ولا يصمد فيه غير الشعب المنتج والمواطن الحر ودولة القانون والنظام.”
    لن ازيد سوى ان الفشل الذي منيت به هذه الحكومات في الشأن السياسي والديموقراطي يعني واحدا من امرين :
  • اما ان السياسات الموضوعة لتحقيق الاهداف المرسومة فاشلة ويجب تغييرها.
  • واما ان الفريق القائم على تنفيذ هذه السياسات ضعيف وغير قادر على انجاز المهمة.
  • واما ان كليهما: السياسات وفريق التنفيذ فاشلين.
    وقد ثبت فشل الجهتين بالدليل القاطع والمتمثل بلجوء الملك الى تشكيل لجان خاصة مستقلة عن الحكومات لتحقيق الاهداف الموكولة اصلا للحكومات بموجب كتب التكليف السامي ال 19.
    الامر الذي يستدعي ابعاد جميع من شاركوا في هذه الحكومات وفشلوا في تحقيق الاهداف المحددة في كتب التكليف السامي من العمل العام وادخال دماء جديدة قادرة على وضع وتنفيذ السياسات الكفيلة بالارتقاء بالوطن واعادته على سكة النجاح ….
    تناولت في هذا المقال فشل الحكومات المتتالية في تحقيق التنمية والاصلاح السياسي، وساتناول في مقالات قادمة الادلة الرقمية الثابتة والدالة على فشل الحكومات على الجبهتين الاقتصادية والاجتماعية ايضا وعدم قدرتها على تحقيق الاهداف الاقتصادية والاجتماعية في كتب التكليف السامي طيلة ال 24 سنة الماضية، وستكون محلا للنقاش في المقالات القادمة.
    زهدي اسماعيل جانبك
    ناعور _ تموز 2023

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى