دور صندوق حماية البيئة في الكوارث البيئية في المملكة

دور صندوق حماية البيئة في الكوارث البيئية في المملكة
اعداد: المهندس / فرحان الدبوبي-رئيس جمعية شرق عمان للحماية البيئية.
لقد تم انشاء صندوق يعنى بحماية البيئة في وزارة البيئة يسمى “صندوق حماية البيئة” وقد كانت الحكومه تخصص له حوالي اربعة ملايين دينار سنويا وانخفض التخصيص الى اربعمائة الف دينار اردني لهذا العام.
لقد اصبحت الكثير من مناطق المملكة تتعرض للضغوطات البيئية وعدم العدالة البيئية مما ادى الى تولد كوارث بيئية جسيمة فيها واصبح سكانها “مشاريع لاجئين بيئيين” ويعود ذلك بشكل رئيسي الى وجود الكثير من المشاريع الحكومية والخاصة المدمرة بيئيا واجتماعيا والناتجة عن سوء الادارة والتخطيط وسوء التنظيم وما زالت الحكومة مستمرة بانشاء المزيد من هذه المشاريع دون ضوابط او معايير للمحافظة على البيئة وعدم استنزاف المصادر الطبيعية فيها مما أدى إلى تلوث البيئة بالغازات السامة وتلوث التربة والمياه الجوفية والسطحيةوالنفايات السائلة ومخلفاتها من الحمأة والنفايات الخطيرة والنفايات الطبية والضجيج والغبار والبلاستيك والروائح الكريهة إضافة إلى انتشار امراض التنفس والامراض الجلدية وامراض السرطان والقلب والشرايين وتشوه الولادة وغيرها.
تتطلع الجمعيات البيئية في هذه المناطق الى حماية البيئة والمحافظة عليها من التلوث ومنع أسبابه وتحديد مشكلاته والمشاركة في إيجاد الحلول لها والتعاون مع وزارة البيئة وأصحاب المشاريع ومنظمات المجتمع المدني لمكافحة الفقر الناجم عن التدهور البيئي والبطالة وتحفيز الاستثمار البناء وتطبيق برامج الاجراءات التخفيفية والمراقبة البيئية والاجتماعية والذي يشمل مراقبة وفحص انبعاثات الغازات السامة ونوعية الهواء المحيط ومستوى الضجيج وادارة النفايات الخطيرة بأنواعها والمياه العادمة والحمأة وسبل معالجتها والتخلص منها وتجاوز الاثار البيئية والاجتماعية السلبية او التخفيف منها لتكون ضمن المواصفات والمتطلبات العالمية واتخاذ الاجراءات التصحيحية المتمثلة بتطبيق برنامج الاجراءات التخفيفية والمراقبة البيئية والاجتماعية (ESMMP) والتي لم تقم وزارة البيئة بتطبيقه على المشاريع نهائيا.
لكي تتمكن وزارة البيئه من القيام بعمليات المراقبه والرصد لعشرات الالاف من المشاريع المنتشره بالمملكه يلزمها توفير الايدي العامله الفنيه الكافيه والاجهزه والمعدات والمختبرات والاعتماد اللازم في مجال رصد التلوث البيئي “Accreditation”والتشاركيه الاستراتيجيه مع الجمعيات البيئيه ومنظمات المجتمع المدني وهذا يتطلب توفر الرصد المالي الضخم في صندوق حماية البيئه بحيث تأتي ايرادات الصندوق من الغرامات المفروضة على المخالفات المتعلقة بالتشريع والتنظيم البيئي، والمنح الهبات الوطنية والدولية، والتعويضات الناتجة عن التلـوث والقروض الممنوحة للصندوق والموجهة لتمويـل عمليـات مكا فحـة التلوث عملا بمبدأ “الملوث يدفع” المعمول به في كل دول العالم وليس من خزينة الدوله والتي اساسها المواطن “دافع الضريبه” ومتلقي وضحية التلوث وأن تستخدم اموال الصندوق في مجالات حماية البيئه وليس لأغراض المؤتمرات والمياومات والمكافات وغيرها. وفي باب النفقات يتولى الصندوق مساعدة تحويل المنشآت القائمة نحـو التكنولوجيـا ت النظيفة تماشيا مع مبدأ الاحتياط والوقاية، ويتولى الإنفاق على عمليـات مراقبـة التلـوث فـي المصدر، و وتمويل عمليات مراقبة حالة البيئة، والدراسات والأبحاث العلمية المنجزة وتمويل العمليات المتعلقة بالتدخل الإستعجالي في حالة التلوث الناتج عن الحوادث . كما يتولى تمويـل نفقـات الإعـلام، والتوعية المرتبطة بالمسائل البيئية أو الجمعيات ذات المنفعة العامة والتي تنشط في مجال البيئة، و تمويل عمليات تشجيع مشاريع الاستثمار المدمجة للتكنولوجيا ت النظيفة، والـدعم الموجه لتمويل العمليات المشتركة للمنشآت من أجل إزالة التلوث.
ان عدم اعتماد مبدأ “الملوث يدفع” أدى الى انخفـاض إيرادات “صندوق حماية البيئه” مما أدى الى تزايد حجم التـدهور البيئـي الكبير لمختلف العناصر البيئية في مناطق عديده في المملكه مثل شرق عمان والزرقاء وغيرها، نظرا لعدم كفاية الاعتمادات التي تخصصها الدولة من الميزانيـة العامة لهذا الصندوق لاتقاء أو الحد من مظاهر التلوث .وعدم وجود النيه او الرغبه في ذلك وسوء استخدامه واستبعاد الجمعيات البيئيه من الاستفاده منه للمشاركه في واجب حماية البيئه وبالنظر إلى تأثير الطابع التصاعدي للنفقات المتوقعة لتحسين البيئة بسبب استمرارية حالة التدهور، فـإن هـذه الوضعية ستؤدي إلى انخفاض الإيرادات في مواجهة التقديرات. ومن بين الثغرات القانونية الأخرى التي تؤثر على فعالية “صندوق حماية البيئه”، هو عـدم شفافية هذه الحسابات الخاصة إذ يتعذر على السلطة التشريعية القيام بمراقبة أوجه الإنفاق التي صرفت فيها الحكومة هذه التخصيصات الخاصة ، الأمر الذي يؤدي إلـى عـدم معرفـة حصيلة الرسوم البيئية ولا الاتجاهات التي صرفت فيها.
ان إلقاء نفايات ملوثة في الهواء أو المياه أو التربة هو نـوع مـن استعمال هذه الموارد ضمن عوامل الإنتاج، وبذلك ينبغي أن يدخل استعمال هذه الموارد الطبيعية في كلفة المنتوج أو الخدمة المعروضة وتؤدي مجانية استخدام هذه الموارد البيئية التي تـدخل ضمن عوامل الإنتاج إلى هدرها ، ولذلك فان سبب تدهور البيئـة يعـود إلـى مجانية استخدام الموارد البيئيه. وبما أن الملوث هو:”من يتسبب بـصورة مباشرة أو غير مباشرة في إحداث ضرر للبيئة أو أنه يخلق ظروفا تؤدي إلى هذا الضرر”.
ان الأعباء المالية التي يتحملها الملوث من خـلال تطبيـق المعيـار الاقتصادي لمبدأ “الملوث يدفع” ليست نتاج مسؤولية قانونية بحتة، لأن مبدأ الملوث الدافع يثبت عبئا ماليا موضوعيا على الملوث، ودون أن يشكل ذلك رأيا مسبقا أو يؤثر على المـسؤولية المدنيـة أو الجزائيـة للملوث، لأن هدفه اقتطاع نفقات . ولا يعفي هذا الاقتطاع الملوث من المـسؤولية المدنيـة أو الجزائية، وهو الحل الذي كان يجب على وزارة البيئه تضمينه ضمن مشروع قانون البيئه الذي اقره مجلس النواب العام الماضي والذي من الفترض ان يعتبر فيه أن الشخص المتسبب أو الذي يمكن أن يتسبب في إلحاق الضرر بالبيئة يتحمل نفقات ؛ أي أعباء اقتصادية، بدون أن يـستخدم المشرع مصطلح المسؤولية . ويعود السبب الموضوعي في التخلي عن المعيار القانوني في تحديد الملوث المخاطـب بالرسوم الايكولوجية ، إلى بطء قواعد المسؤولية وطول إجراءاتها في الكشف عن المسؤول عن التلوث لأن أغلب حالات التلوث تتسم بتشعب مصادر التلوث وتداخل المسؤوليات. كما ينطوي مبدأ الملوث الدافع على مفهوم سياسي يتمثل في إرادة السلطات العامة (وزارة البيئه) فـي توفير الأعباء المالية عن الخزينة العامة الموجهة لاتقاء ومكافحة التلوث ، وتحميلهـا بـصورة مباشرة للمتسببين في التلوث.
كما وأن تطبيق مبدأ “الملوث يدفع” يجب ان يتم من خلال تطبيق برنامج الطابع الوقائي (الرصد والمراقبه المستمره للتلوث المنبعث من مصادر التلوث مقبل جهات محايده ومعتمده) ليتم قياس درجات التلوث المنبعثه من كل منشأه وتطبيق مبداء الملوث يدفع وفرض مقدار المخالفه المترتبه على المنشأه علما بخلو محتوى قانون البيئه الحديث رقم (6) لعام (2017) من هذه المباديء والمواد التي تعتبر اساس أي قانون بيئي.
وأخيرا هل ستظل جهود حماية البيئه شكليه قشريه تتمثل في مسرحيات وتنظيف متنزهات وورشات عمل وحضور ومؤتمرات ومياومات بينما يعاني الوطن من كوارث بيئيه واجتماعيه وتنمويه واقتصاديه وصحيه سببها الملوثين بحجة تشجيع الاستثمار وكأن الاستثمار يسمح بتلويث البيئه وتدميرها وانتهاك ابسط حقوق الانسان وتدمير التنميه وتحميل المواطن تكلفتها.

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى