نتنياهو وفكرة القدس الكبرى / د.رياض ياسين

نتنياهو وفكرة القدس الكبرى

هناك وضوح على ما يبدو لدى الساسة الاسرائيليين بخصوص تعريف مدينة القدس وتحديده الجيوسياسي انطلاقا من معتقدات تاريخية زائفة وباطلة،والاسرائيليون يرون بان العرب والمسلمين ليسوا معنيين بجغرافية المدينة التاريخية بقدر ما هم معنيون بتراث المدينة المقدسة فحسب اي فقط ما يعرف بالمدينة القديمة التي تضم المقدسات الاسلامية والمسيحية والتي هي اقل من كيلو متر مربع واحد. هذه المدينة القديمة حسب اليونسكو فيها أكثر من 220 معلما دينيا واثريا يجعلها تحتفي بهذا التراث المهم ومن هنا تم تسجيل تراث البلدة القديمة على لائحة التراث العالمي مع مطلع الثمانينات من القرن العشرين.
لقد احتل الاسرائيليون الشطر الغربي من القدس عام 1948 وقد اعتدوا في حينها على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 الصادر في تشرين الثاني1947 الذي أعطى القدس خصوصية من خلال ما ورد في المادة الثالثة من الجزء الاول منه بحيث “تنشأ في فلسطين الدولتان المستقلتان العربية واليهودية،والحكم الدولي الخاص بمدينة القدس” فقرارالتقسيم أوصى بأن يجعل لمدينة القدس كيانا منفصلا(Corpus Separatum خاضعا لنظام دولي خاص،وتتولى الامم المتحدة إدارته. وقد توسعت مساحة هذه المدينة بين النكبة وعدوان حزيران حتى بلغت 38.100 دونماً.

اما القدس الشرقية فهي تضم حسب ما هو متعارف عليه دون ان يكون واردا في وثائق دولية كل ما تبقى من القدس الجديدة للعرب بالإضافة إلى البلدة القديمة المسورة ، وهو ما أصبح يعرف باسم بلدية القدس الشرقية. وقد قامت الحكومة الأردنية بتوسعتها شرقا حتى أصبحت 6.000 دونماً، وذلك قبل العدوان الاسرائيلي في حزيران عام 1967.حيث اصبح هناك بعد الاحتلال الاسرائيلي ما يسمى ب”القدس الموحدة” بعد ان صادرت اسرائيل اراضي جديدة ضمتها لبلدية القدس الغربية فأصبحت مساحتها الأن يزيد على 125,000 دونم بما فيها البلدة القديمة.
وإذا كان الخطاب العربي مازال يتمسك بالقدس في شطرها الشرقي الذي احتلته اسرائيل عام 1967 فقط بوصفها جزءا من الارض المحتلة،فإن الاسرائيليين ذهبوا ابعد عندما تجاوزوا حتى فكرة القدس الموحدة التي اصدروا لها عام 1980 ما سمي ب”القانون الاساسي” الذي اصدره الكنيست واعلن بموجبه أن هذه القدس الموحدة هي عاصمة اسرائيل. والان يجدد نتنياهو هذه الفكرة مع ملاحظة انه تم استنساخ فكرة القدس الموحدة لأنهم عملوا منذ العام 1993 على فكرة تعظيم مساحة ما يعتبرونه عاصمة دولتهم واعني انهم تبنوا فكرة مايسمى”القدس الكبرى”- متوبوليتان القدس- والتي يبلغ مساحتها حوالي 15% من مساحة الضفة الغربية والهدف من خطة التوسع للقدس الكبرى هو ضم المستعمرات الكبيرة حول القدس مثل معاليه ادومم شرقاً، جيلو جنوباً، جبعات زئيف شمالاً، لتصل مساحة البلدية إلى ما يزيد على 400,000 دونم. فالخطة وضعت للقدس الكبرى عام 1993 وانتهت الخطة في عام 2010 ، وهذا معناه أن حكومة نتنياهو الحالية ستسارع في اكمال خطة القدس الكبرى التي هي بالضرورة موحدة لأسناد مكانة القدس المدينة بوصفها عاصمة لاسرائيل ومدينة ذات طابع عالمي،فهل ستستمر حكومة نتنياهو في خططها لتعلن القدس الكبرى عاصمة لاسرائيل رسميا وفقا للأمر الواقع .
يعد ملف القدس من الملفات الاكثر أهمية بالنسبة لاسرائيل،فهو الملف الوحيد الذي تجمع عليه كل الاطياف السياسية،وحتى منذ ايام رابين الذي يعد من أكثر الساسة الاسرائيليين في ليونته السياسية التي ظهرت في اتفاق اوسلو حسب التوصيف الاسرائيلي،ومع ذلك في حفل توقيع اوسلو في سبتمبر بواشنطن عام 1993 عبّر رابين” لقد جئنا من القدس:العاصمة القديمة والابدية للشعب اليهودي” وهاهي حكومة نتنياهو الآن تتحدث عن “يهودية الدولة” التي تعد ” القدس الموحدة الكبرى” عاصمة لها،في الوقت الذي نتحدث فيه نحن العرب عن القدس الصغرى اي ماتبقى من رمزية للمدينة.
rhyasen@hotmail.com

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى