فخّار يكسّر بعضه / رامي علاونة

فخّار يكسّر بعضه

لم يتمخض عن الاجتماع اي شئ ‘عليه القيمة’ و بدأت الأصوات تتعالى وتداخل… ‘فشرت يا هامل’! ‘على شو نازل يا مخمّج’! ‘من هو بظهرك يا معفّن’! وعلى شاكلة هذه ‘المهاترات’، حتى كادت تشتبك الأيدي.
عندها وقف شاب ثلاثيني في منتصف المضافة، وصرخ بأعلى صوته: خلص بكفّي انت واياه! فضحتونا بالقرية! هي هيك النيابة؟!
صمت الجميع و أخذوا يستمعون الى الشاب الذي اقترح عليهم آلية لاختيار المرشح ‘الأجدر’ لتمثيل القرية في الانتخابات، وهي عبارة عن ‘مسابقة’ على الملأ في ساحة المدرسة، يحضرها جميع أهالي القرية لمعرفة ‘الغث من السمين’، ويتعهد الخاسر فيها بمبايعة الفائز وقبوله مرشحا وحيدا عن القرية.
أبدى المختار ابو حسن معارضته للفكرة في بادئ الأمر (من منطلق أنها فكرة شاب ‘إبن مبارح’ بنظره)، لكنه رضخ لرغبة أهل القرية الحاضرين الذين راقت لهم الفكرة.
اتفق الجميع على ان ينَظّم الشاب تلك المسابقة، لكن الشاب اشترط عليهم ان تكون المسابقة مفتوحة لأي شخص ثالث يرغب في ترشيح نفسه، فوافق المرشحان على مضض نظرا لموافقة الحاضرين واتفق الجميع على ان تقام المسابقة في اليوم التالي بعد العصر.
غادر الجميع مضافة المختار الى بيوتهم، إلّا أن الشاب عرّج في طريق عودته الى بيت عوض ‘أبو الجرايد’ (الذي كنا قد ذكرنا قصته في مقال سابق بعنوان ‘تِعداد’)، فأخبره بما حصل في الاجتماع وطلب منه القدوم الى المسابقة وطرح نفسه مرشحا عن القرية. لم يوافق عوض على الموضوع في البداية، لكن الشاب اقنعه ان المصلحة العامة تقتضي أن يترشح هو للانتخابات إذ أن المرشحان الآخران لا يمتلكان ادنى مقومات المرشح النيابي وأنهما ‘ماخذينها وجاهة ومصاري ونمرة حمرا’.
في اليوم التالي، التقى جميع أهل القرية في ساحة المدرسة، وبدأ الشاب حديثه طالبا من المرشحين الثلاثة -المختار أبو حسن، فلاح الدكنجي و عوض ابو الجرايد – الوقوف أمام الجمع و التعهد بقبول نتيجة المسابقة.
وقف ثلاثتهم أمام الحضور وتعاهدوا على مبايعة الفائز ودعمه لخوض الانتخابات، فصفّق أهل القرية مبتهجين.
الشاب: نبدأ بالسؤال الأول للمختار…ما هو مجلس الأمة يا مختار؟
المختار: هو ظل ‘أمه’ يا بنيّي! ما راحت العراق وراحت سوريا، واليمن وليبيا و الأمة صارت أمم.
الشاب: ركّز معي يا مختار! بعطيك كمان فرصة. مجلس الأمه هذا عندنا هون بالأردن، وإذا انته ترشحت وفزت – لا سمح الله- بتكون عضو فيه.
المختار: انداري عنك! هو انا مترشح عشان اصير ‘نائب’ ولّا ‘عضو’ مجلس! لو ادري بدي اصير ‘عضو’ كان ما فُتِت بهالميمعة!
الشاب: طيب ارتاح مكانك يا مختار. الأن السؤال لفلاح الدكنجي. سؤالك يا فلاح شو هي آلية التشريع عندنا في الأردن؟
فلاح: شو دخل ‘التركتورات’ و’الجرافات’ بالموضوع يا حبيبي؟
الشاب: ‘آلية’ يعني ‘طريقة’ يا فلاح. بعطيك كمان فرصة وبعيدلك السؤال بشكل أسهل… ‘مشروع القانون’ كيف بصير ‘قانون’؟
فلاح: أنداري عنك من وين بتجيب هالأسئلة!
الشاب: طيب اقعد يا فلاح. الأن السؤال لعوض ابو الجرايد: شو هي المادة السادة من الدستور الأردني يا عوض؟
عوض: المادة ٦/ ١: الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين.
المادة ٦/ ٢: تكفل الدولة العمل والتعليم ضمن حدود إمكانياتها وتكفل الطمأنينة وتكافؤ الفرص لجميع الأردنيين.
الشاب: ممتاز يا عوض! ارتاح مكانك. ننتقل للسؤال الثاني للمختار.
هنا تتعالى صيحات أهل القرية… أعطيه فرصة! أعطيه فرصة! أعطيه فرصة ثانية!
يقلب الشاب الطاولة ويرمي اوراقه خلفه، ثم يمسك بيد عوض ويغادرا… إمشي يا عوض…”فخّار يكسّر بعضه”!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى