إنها داعش/ ميس داغر

إنها داعش

لا يخفى على أحدٍ صفاءُ القلب الذي اختصّني الله وذريتي به. ولهذا، فإنّ اتهامنا بالمسؤولية عمّا حصل ما هو إلا ضرب من الافتراء وانعدام الضمير. بإمكانكم يا حضرة المحقق استجواب ضيوف حفل الزفاف، وسيروون لكم الأحداث مثلما نرويها بالضبط…
صحيحٌ يا سيدي أننا –أعني أنا وذريتي- قومٌ في سواعدنا نزعةٌ غريزيةٌ تجاه حمل البلطة، لكننا – ويشهد القاصي والداني- لا نسمح لهذه النزعة بالسيطرة علينا إلا بعد استنفاد سُبُل الإقناع كافة. ووالله يا حضرة المحقق إننا ما تركنا حُجّة في إقناع صهرنا المحترم – قبل أن يختار الانزواء في العناية المركزة- بأنّ داعش صناعة أمريكية، إلا أنه لم يقتنع.
لقد برهنّا له بالأدلة القاطعة أنّ الأعداء يموّلون داعش ويعززون نفوذها، فتصوّر ما الذي حصل! لقد شكّك في كلامنا يا سيدي! .. أنت بالطبع الآن تظنّ بنا الظنون، وتحدّثك نفسك بأننا فلجناه لحظتها بالبلطة. لكن لا يا سيدي، أحلف لك للمرة العاشرة بأننا لسنا من فلجه بالبلطة. صحيحٌ أنّ ولدي الأكبر ضرب رأس صهرنا العزيز في حائط الصالة فشجّه، وهذا أمر لا ننكره، إلا أنه لا يمكن بحال مساواة هذا الفعل بالفلج بالبلطة. كما أنّ ولدي هذا، مثلما أخبرتك بدايةً، يشهد أصحابه بأنّ قلبه أصفى من العسل، لكنّ مشكلته هي أنه أحمقٌ أهوج، يُضيمه أن يفكّر قبل أن يتصرف. فهل يتساوى لديك، وأنت الفهيم، الحُمق والهَوَج بالفلج بالبلطة؟!
وبالنسبة للمقاعد التي تكسّرت على أطراف عزيزنا، فلك أن تحمد الله عليها، فمن عادة ولدي الأصغر، الغرّ الساذج، تحطيم المقاعد على الرؤوس، لكنّ هدايةً سرمديةَ نزلت على رأسه في تلك اللحظة، فألهمته تكسير المقاعد على أطراف العزيز دون رأسه. وهذا الولد بالذات ليس بمقدوري لومه على فعلته، حتى ولو كنتَ ستفلجني الآن بالبلطة وأنا أخبرك هذا الكلام، فأنت لو أدركتَ ما حطّم في طفولته من جماجم، لاستنتجتَ مثلي أنه، بتحطيم أطراف صهرنا العزيز، إنما بدأ يعتدل إلى السلوك القويم. ثمّ هل تضع تحطيم الأطراف مع الفلج بالبلطة في ذات الخانة؟ هداك الله يا سيدي، أين رشدك!
وأمّا أنا، فانظر إليّ، الله أعلم بصحّتي. هل تبدو على بدني الهزيل قدرةٌ على فلج صهرنا الكريم بالبلطة في ليلة زفافه إلى ابنتي؟! إنني بالكاد أقدر هذه الأيام على نحر قطةٍ سائبة، فكيف بي أن أفلج بالبلطة رجلاً ابتعثته الأقدار غوثاً لي في مصيبةٍ أنجبُتها؟ كما أنني رجل صادق والخلائق تشهد لي بهذا، فلو كنت أقدر على فلج عزيزنا بالبلطة لما تورّعت عن الجهر بهذا.
في اعتقادي أنّ الصورة اتضحت لديك الآن يا حضرة المحقق. ولا أظنّ أنه بقي لديك ذرة شك واحدة في أنّ الذي فَلَج صهرنا الكريم بالبلطة لم يكن سوى داعش نفسها، التي بدأت بالتسلل إلى ديارنا، أخبرتك أنها صناعة أمريكية يا سيدي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى