عن وضع الحريات في بلادنا / ليث شبيلات

عن وضع الحريات في بلادنا : درع الحريات الممنوح من الإتحاد العام للأدباء والكتاب العرب نموذجا
قبل ستة أشهر وبلفتة كريمة من رابطة الكتاب الأردنيين اتخذ الإتحاد العام للأدباء والكتاب العرب قرارا بالإجماع بمنحي درع حريات العالم العربي الذي يمنح من الاتحاد دوريا. والمراقب للصدى الخافت لهذا الاختيار الذي يستمد قيمته من قيمة من أصدره وهم رؤوس الثقافة والأدب في العالم والعربي فيقارنه بالضجة التي تحدثها أية جائزة أخرى من النوع الذي لا يستفز السلطات وما تلاقيه من تمجيد ليتبين له حالة الحريات العامة في بلادنا.
فالمجتمعات التي تقوم ولا تقعد وتتفاعل وتبكي وتفرح وهي تراقب من سيفوز على سبيل المثال ومع الاحترام بجائزة “معبود العرب” arab idol وهي تسمية غير موفقة لسببين أولا لأنها تسمية احتقرت لغة الضاد واكتفت بتعريف نفسها بالانكليزية وثانيا لأنها استعملت لفظا معناه يستفز عقائد العرب بمسلميهم ومسيحييهم (إذ جعلت الفائز معبودا) مقارنة بخفض التغطية الإعلامية وشبه التجاهل الشعبي لدرع الحريات العامة الصادر عن قمة هرم الثقافة والأدب في العالم العربي ليدرك مدى سطوة فراعنة السياسة على مجتمعات لم تجد فيها من يردعهم.
ولكن الحالة الإيجابية الملاحظة في هذا الاختيار هي انه رغم أن الفائز غير مرض عنه من غالبية السلطات السياسية وحتى المعارضة في المشرق العربي ابتداء من بلده مرورا بسورية (نظاما ومعارضة ) إلى العراق (إلى إيران غير العربية) وإلى مصر وإلى غالبية الخليج الذي يحجب عنه كثير منهم سمة الدخول إلى بلدانهم إلا أن هذه الخلافات لم تؤثر في وفود الدول إلى الإتحاد والتي تؤثر أحيانا في قراراته إذ تم تجاوزها عند ذكر المرشح بشكل لم أتوقعه فهز وجداني هزا وملأني بالشكر والامتنان للوفود كافة . وقرر الأكارم مشكورين أن يمنحوني الدرع دون تحفظ أحد مما عرض بعض الوفود كما سمعت للعتب عند عودتهم إلى بلدانهم. هذه الإيجابية عظيمة جدا تسجل للسادة والسيدات الأدباء والكتاب الذين أبدوا التحرر المتوقع ممن هو في مثل فضلهم فلم يجاملوا سلطات بلادهم . ولكنها للأسف تكشف في الوقت نقسه سلبية في ضعف الاحتفاء الثقافي والشعبي بالجائزة ومعانيها المفيدة لنضالات الجماهير والمعاناة الحياتية التي يمر بها المرشحون لنيلها والتي هي ليست جائزة مؤبدة لشخص واحد إنما تعطى دوريا (اليوم واحد وغدا غيره والقيمة في الدرع وليست في حامله) وإن عدم الاحتفاء غير متعلق بالشخص وإنما متعلق بالخوف من ازعاج الأنظمة من ذكر الحريات ومن ذكر شخص هو شوكة في خاصرة الحكام. مجتمعاتنا منشغلة بالمطرب المعبود إقليمياً وبالأوسكار عالمياً والذي سيوزع قبل أيام من موعد استلام جائزة الدرع في الجزائر يوم 4 شباط والتي ستمر على الأغلب كحدث عادي . فحريات المجتمعات العربية في الأيدي الأمينة لأنظمة الحكم . ورحم الله سعداً القائل : ” غطيني يا صفية ! ما فيش فايدة” . فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . وليسأل كل واحد نفسه أين تكمن المنقصة أفي جائزة يعتبرونها أمرا عاديا لا يستحق الاهتمام ؟ أم في نفوس ما عادت تتجرأ للتطلع إلى الحرية بل تستمرئ العبودية وتستخذي للسلاطين والجلاوزة.
شكرا جزيلا لرابطة الكتاب الأردنيين
وشكرا أكبر لإتحاد الكتاب والأدباء العرب وفدا وفدا وفردا فردا إذ طوقوني بعطفهم.
وإلى أن نتشرف بلقائهم في الجزائر يوم 4 شباط أبرق لهم بتحياتي واحترامي

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى