الذي فات ما مات / نداء أبو الرُّب

الذي فات ما مات

عن كل الأيام التي قضيناها حيارى نفكّر في المجهول وفي الغد، عن الأشخاص الذين خذلونا وأدركنا نعيم فراقهم مع الوقت، عن كل نقاط الضعف التي تمركزت في حياتنا لسنوات وأصبحت اليوم نقاط قوة تهدم جدار الصمت، عن اللحظات الكئيبة التي سيطرت على أيامنا ورسمت معالم أحزاننا، وباتت الآن ضحكات تزيّن بأصدائها أرواحنا، عن كل ذلك شكراً يا أيها الاقدار، فلولا كل ما سبق من الخذلان والشؤم ،لما عرفنا قيمة ما نعيشه من سعادة اليوم…
من قال أننا نريد أن ننسى الماضي ببشاعته وقسوته؟ من قال أننا نريد أن نمحو من ذاكرتنا كل الأشرار الذين ظهروا في طريقنا وزادوا ظلمته؟؟ هؤلاء هم دروسٌ عظيمة لآخر الزمان، من خلالهم تعلمنا الحذر وكيف أن الثقة لا تُمنح لكل إنسان، هم على الرغم من خبثهم وقلة ذوقهم السبب بما نحن عليه الآن من صرامةٍ صارت لشخصياتنا عنوان، هم يستحقون أن نشكرهم كثيراً، فعبورهم السريع في تفاصيل أيامنا كان أثره كبيراً، علمونا فنون الرد، وكيف نضع لكل الدخلاء على حياتنا سوراً وحد، علمونا كيف نتجاوز ساعات الألم بسرعة، وكيف نُصيّر الحكايا الموجعة إلى أخرى جميلة وممتعة، هم أبطال الماضي الذين لن نغفل عن ذكر خصالهم الذميمة، لنقارنهم بأحبابنا الآن وما يحملونه من أخلاق عظيمة.
“فالذي فات ما مات، والماضي لا يُدفَن، ذاك السقوط الموجع قديما
سيغدو في الحاضر دفعة قوية لنا لنظل واقفين، تلك الدمعة التي انهمرت وشكلت محيطات ستصبح الآن مياه حانية نغوص في أعماقها لنعبرها إلى مرفأ الأمان منتصرين، تلك الخيبات التي قصمت ظهورنا بقسوتها صيّرها الحاضر لأفراح وزغاريد أنعشت قلوب الملايين، كل ذلك الماضي اللعين بات اليوم تذكرة عبورٍ لمستقبلٍ أخضر عليل ، وكل تلك الليالي السوداء الحزينة صارت اليوم متلألئة بنجوم وقمر جميل، فشكراً للماضي على منحنا الدروس لأمدٍ طويل، لولاه لما أدركنا قيمة حاضرنا ولما عرفنا للسعادة من سبيل، فالله إن أعطى أدهش في عطائه، ما من شيء يضاهي كرمه سبحانه في سخائه، فعلى كل الحاسدين الحاقدين من يحزنهم رؤيتنا اليوم في كامل سعادتنا، أن يتقوا الله ويباركوا لنا صبرنا وعزيمتنا وقفزنا عن حواجز محنتنا

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى