السقوط العربيّ

#السقوط_العربي

المهندس: عبد الكريم أبو زنيمة
لو ألقينا نظرة على خارطة العالم سنجد أن قاراته ودوله يسودها الأمن والاستقرار ويسعون من خلال المؤتمرات والاتفاقيات على تعزيز التعاون باشكاله المختلفة فيما بين دوله وقاراته لتحقيق النمو والرفاه لشعوبهم بالرغم من اختلاف لغاته ومعتقداته وانماط سلوكه وتاريخه وحضاراته ، لكن وطننا العربي المتجانس في كل شي ” لغه ودين وسلوك وتاريخ وحضارة …الخ” مستثنى من هذا التطور ، حيث تسود الصراعات والمؤامرات والدسائس والاستقواء بالاعداء والتفريط بكل المقدرات والخيرات مقابل حماية العروش .
هذا الانحطاط العربي ليس من صنيعة الشعوب العربية وإن كانت قد ساهمت به من خلال صمتها وجبنها عن الدفاع عن حقوقها وثرواتها، بل أتى كنتيجة مباشرة لفساد أنظمة الحكم العربية التي ولدت من رحم الاستعمار والتي هي وريثتة ووكيلة عنه في ادارة مصالحه والمحافظة عليها مقابل الحماية السياسية والعسكرية وكل مقومات البقاء بالحكم التي تؤمنها دول الاستعمار ما داموا ملتزمين بأدوراهم اللاوطنية المنوطة بهم وعلى رأسها وفي مقدمتها المصالح الصهيوأمريكية ، أيضا فشل التجربة القومية في ادارة وتحقيق المشروع القومي العربي بالرغم من وصول احزابه للسلطة في أكثر من دولة عربية ، فبدلاً من اطلاق الحريات والتعددية السياسية وبناء النموذج الديمقراطي في ادارة وبناء الدولة والعمل على بناء الوحدة العربية نجد أن العكس هو ما حصل ، حيث ساد القمع وقمع الحريات والاضطهاد وسلطة الفرد والعداء حتى بين أبناء نفس الفكر والحزب الواحد مما سهّل ومكّن دول الاستعمار من العودة عسكرياً للهيمنة على وطننا العربي بمسميات وذرائع عدة حتى أصبح وطننا وطن القواعد العسكرية لكل الطامعين بنا ، يُضاف الى ذلك فشل الاحزاب القومية والاسلامية واليسارية التوافق فيما بينها لتتبني برنامج سياسي تحرري تنموي يستقطب الجماهير العربية ويقودها لتحقيق طموحاتها وأهدافها . 
للاسف، فقد جرى تدمير وطننا العربي وأحلام شعوبه بتواطؤ عربي وبأدوات وأموال عربية ، هذه الاموال لو أنفقت على مشاريع التنمية وتوطين التكنولوجيا الصناعية والزراعية والصحية والتعليمية لاصبحنا اليوم أو غدًا على ابعد تقدير في مصاف القارت والدول الرائدة ، لكن المضحك المبكي ان هذا هذه الحروب العربية العربية التي أُشعلت بغطاء ديني وبشعاراتٍ انسانية بعيدة كل البعد عن الاهداف الحقيقية المتمثلة في تحقيق الحلم الصهيوني في بناء اسرائيل الكبرى،  فالأنظمة العربية التي شكلت رأس حربة في تدمير الوطن العربي لا تعترف بحقوق شعوبها وحرياته ولا يوجد بها أي شكل من اشكال الحريات وهي تأتي في رأس قائمة التصنيفات العالمية في انتهاك حقوق الانسان وهي ذاتها من ترتكب اليوم على مرأى العالم الغربي المنافق وبدعم وإسناد وتسليح ومشاركة منه أبشع المجازر في يمن العروبة والاسلام، هؤلاء الذين امتطوا الشعارات الدينية ويتباكون على الدين الاسلامي وحقوق الانسان هم من يديرون ظهورهم لاقدس المقدسات في فلسطين ويتخلون عن الشعب العربي الفلسطيني وحقوقه المغتصبة ويحاصرون مقاومته وكل حركات المقاومة بذرائع لم تعد تنطلي على أحد، وفي مقدمتها التغلغل الايراني ومشروعه بل ويقيمون أفضل العلاقات مع الكيان الصهيوني وسيمولون كل مشاريعه التوسعية في وطن العروبة غداً، قد يكون لإيران مشروعها وهذا حقها وحق كل دولة في هذا العالم.. لكن أين مشروعكم أنتم! لماذا لم تقدموا لشعوبكم مشروعاً قومياً عربياً تحررياً يحقق الامن والاستقرار والرفاهية والسيادة والكرامة للمواطن العربي المشرد الجائع المهان الذليل في كل الاصقاع !!!
للاسف فإن الوطن العربي قد تحول الى دويلات وطوائف المماليك والفساد والفقر والجوع والجهل والمستعمرات والقواعد العسكرية الغربية والشرقية والاقليمية وهو متخلف اليوم مئات السنين عن الحضارة والإنسانية، إن لم تتحرك الشعوب لتنتزع حريتها وحقوقها وسيادتها وكرامتها سيصبح كل منا لاجئ في وطنه يعتاش على الهبات والمساعدات إن وجدت.

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى