خبز حمام / شادن صالح

كانت الرحلة المدرسية السنوية بمثابة يوم عالمي للفرح بالنسبة لي.. وعادة ما تكون الرحلة الى جرش وعجلون او الى الغور والبحر الميت… وننتظرها بشغف كبير..

ً… لكن ما ان يأتي اليوم الذي يسبق الرحلة حتى نبدأ الاستعدادات وتجهيز مستلزمات ” الطشة “… هنا تبدأ المساومات والمناكفات… فتبدأ كل واحدة متا في الصف باقتراح ما ستعده لها أمها… فإحداهن تقترح بأن تجهز لنا المعجنات… والأخرى ستغلف لنا طنحرة ورق دوالي للغداء وأخرى ستحضر عدة أنواع من السندويشات المحشوة باللبنة والسنيورة او بجبنة القشقوان أو جبنة المثلثات…. طبعا كل ذلك يعد وجعة راس عند أمي..

في ليلة الرحلة اسأل: يمة شو رح تجهزيلي آخد معي فترد على الفور: الصباح رباح… لا تدوشيني

أمي غير منهمكة بتجهيز عدة الرحلة كل ما ستقوم به سلق كم بيضة ثم تقوم بلف سندويشات زيت وزعتر بخبز طابون _ كون أبي لا يحب خبز الكماج _ التي ما أن أصل الى جرش حتى يكون الزيت مشرشر على كل الأغراض في الشنطة ” والدنيا لايصة ” كان ذلك يشعرني بالغضب كلما نظرت الى سندويشات السنيورة المرتبة وسندويشة الزعتر التي أحملها….

كنت أتذمر من ذلك وأحياناً أرفض أخذ ما تعده أمي ليقتصر الأمر على بعض الشيبس والسكاكر من الدكان.. الغريب في الأمر أن أختي الصغرى أماني كانت ترضى بأي شيء تعده امي من باب القناعة والرضى حتى أنها كانت ترضى بالبيض المسلوق وسندويشات مقالي كالزهرة مثلاً رغم تذمرها من النفخة التي تسببها لها الزهرة المقلية على طول فترة الرحلة وليس في فمها سوى: والله يمة ما انبسطت بالرحلة لأني ضليت منفوخة ابصر من شو…. وأقول في بالي بتستاهلي عشان تتعلمي تحكي لأمي ماشي لكل شي وترضي وإنتي عارفة البيض المسلوق شو بعمل فيكي مع الشوب…
أماني أختي للآن تعاني من القولون وكلما أوجعها بطنها تنظر لأمي ونقول :الله يسامحك يمة ما لقيتي غير الزهرة والبيض المسلوق تعطيني للرحلة..؟ ..
وأنا للآن آكل الشوكولاته والشيبس

المهم أتذكر قبل أربع سنوات أن أحمد أبني ” حرد ” ولم يذهب للمدرسة تحدياً لي لأني نسيت أن اشتري خبز الحمام والسنيورة وحين حاولت أقناعه أن يأخذ اليوم ( استثناءاً) سندويشة لبنة بخبز طابون ملفوفة بطريقة جميلة ومغلفة أجابني حرفياً: إنت بدك تفضحيني ئدام صحابي يا ماما؟
ما أنت ما جربت الزيت المشرشر على اغراضك وأواعيك وتنفضح عن جد قدام صحابك يا روح وعيون إمك..