ايهما أجدى مشروع المدينة الجديدة ام تطوير و دعم 11 محافظة ؟

ايهما أجدى #مشروع_المدينة_الجديدة ام تطوير و دعم 11 محافظة ؟

بقلم : المهندس محمود ” محمد خير” عبيد

كشفت #الحكومة قبل أيام عن مشروع المدينة الجديدة والتي تنوي اقامته قرب العاصمة #عمان لتحذو حذو احدى الدول المجاورة متناسية ان كل دولة لها طبيعتها و احتياجاتها و تطلعاتها ويُعتبر موقع مشروع المدينة الجديدة، جزءاً من أراضي البادية الأردنيَة، بمساحة تقارب (277) ألف دونم و بكلفة تقديرية تقارب 8 مليارات دولار قبل العمولات و الأهدارات, هناك العديد من الأسئلة و الطروحات التي قد تراود أي انسان غيور على هذا الوطن و موارده و يتطلع بان يزدهر هذا الوطن, بداية” الأردن يتكون من 11 #محافظة ما بين الشمال و الجنوب بحاجة الى #التطوير ما عدا العاصمة, غالبية هذه المحافظات تعتبر من المحافظات الأقل حظا” خدميا” و ثقافيا” و صحيا” و تعليميا”, لماذا لم تفكر الحكومة باستثمار الأموال التي سوف تستثمرها بأنشاء مدينة جديدة في تطوير البنية التحتية و الاستثمارية في المحافظات الأقل حظا” من خلال انشاء شبكة مواصلات متطورة كما هي في الدول المتحضرة كالسكك الحديدية بحيث تعمل على ربط المحافظات الأردنية بشبكة مواصلات متطورة و حديثة و سريعة من خلال الاستعانة بأحد الشركات العالمية على مبدأ ال BOT, لماذا لا يتم تسمية احدى المحافظات كعاصمة إدارية, عاصمة اقتصادية و تبقى عمان العاصمة السياسية بهذه الحالة يتم تخفيف الحمل على العاصمة عمان و من خلال شبكة المواصلات المتطورة و الشبكة العنكبوتية يمكن للمواطن ان يتمم معاملاته دون أي عوائق, هذه السياسة متبعة في الكثير من الدول على سبيل المثال لا الحصر تركيا العاصمة السياسية انقرة و العاصمة الاقتصادية إسطنبول و كذلك السعودية هناك عاصمتين السياسية الرياض و الاقتصادية الى حد ما جدة, كندا العاصمة السياسية اوتاوا و الاقتصادية مونتريال و تورونتو. لماذا لا تعمل الحكومة على تطوير المنظومة الصحية و بناء مستشفيات فعاصمة كعمان لا يوجد فيها سوى مستشفيين حكوميين يخدمون سبعة ملايين مواطن، اضف الى ذلك مدارس غير نموذجية مكتظة بالطلاب . فالدار الأموال من اجل صحة المواطن و الارتقاء بتعليمه و تربيته افضل بكثير من مشاريع الفساد التي تنوي الحكومة إقامتها على غرار مشروع الباص السريع الفاشل عمليا الناجح في ان اتخمت جيوب الفاسدين. هل لدى الحكومة ثقة بان هناك مواطنين سوف يعملون على الانتقال من أماكن سكناهم الى المدينة الجديدة و نحن من مررنا بتجربة سيئة عندما قامت الحكومة بأنشاء سكن كريم على اطراف المدن و الذي اهدر عليه ملايين الدنانير إضافة للفساد الذي استشرى في هذا المشروع و عدم مطابقته لأي مواصفات تمكن أي انسان كريم من العيش فيه، هل يمكن للحكومة ان تعلمنا قبل ان تشرع بالقيام بالمشروع الجديد اين اصبح سكن كريم و عدد الذين استفادوا منه و اقاموا فيه. اعتقد انه من الأجدر ان تقوم الحكومة بأجراء استفتاء او نشر استبيان على المواطنين تستطلع من خلاله اراء المواطنين ورأيهم من حيث الانتقال من أماكن سكناهم الأن الى المدينة المقترحة الجديدة قبل ان تعمل على هدر الأموال وزيادة المديونية المعدومة التي سوف تثقل من خلالها كاهل الأجيال المقبلة. في المقابل بدلا” من ان تقوم الحكومة بأنشاء مدينة جديدة عليها ان تفكر بمشاريع تنموية تعمل على رفع سوية الاقتصاد الأردني و ليس الأستثمار في بنية تحتية لن تعود على الوطن بأي عائد، كما من المفترض ان تقوم بالتفكر و التخطيط من اجل وضع سياسات و استراتيجيات استثمارية مجدية تعمل على جذب الاستثمارات التنموية للوطن والعمل على دعمها و تقديم الحوافز لها من خلال العمل بحرية و استقلالية دون وضع العوائق الفردية و البيروقراطية, مشاريع تعود بالعائد المادي و المعنوي على الوطن و المواطن , مشاريع تغنينا عن ديوان الخدمة المدنية المثقل بقوائم من ينتظرون فرصة عمل بحيث وصل عدد المنتظرين الى ما يقارب النصف مليون باحث عن عمل في دوائر الدولة فحتى لو قام الوطن بمنح المستثمرين جزء من الأراضي المترامية في الأماكن النائية بكلفة مبدئية صفر لمدة عشر سنوات, مقابل تشغيل العمالة المتعطلة و تدريبهم و رفع كفاءتهم حيث أصبحت نسبة البطالة تقارب ال 30% فاذا ما نجحت الحكومة بجذب المستثمرين و استطاعوا الاستفادة من القوى العاملة الأردنية فالضرائب المتأتية عن رواتب الموظفين و ضمانهم و رواتبهم التي سوف يقومون بأنفاقها في السوق كفيلة بإنعاش الدورة الاقتصادية للوطن. كفانا نظرا” تحت اقدامنا والى جيوب المواطنين ولننظر ابعد من ذلك الى مستقبل مشرق للأجيال القادمة وكفانا نخطط فقط كيف نزيد مديونية وطننا من خلال زيادة انفاقنا على مشاريع فاشلة غير مدروسة تحكمها الهوائية و الاعتداد بالراي من اجل ملء جيوب الفاسدين. ان الهيئات الدولية قاطبة والمواطن على ثقة بان ديون الأردن ما هي الا عبارة عن ديون معدومة والمانحين مطمئنين بانهم سيقومون بتحصيل ديونهم اضعاف مضاعفة من خلال الفوائد التي يجنوها من حكوماتنا التي تتحصل عليها من جيوب المواطن الأردني و لكن جميعنا على ثقة بأن اصل الدين لن تستطيع حكوماتنا المتعاقبة و وطننا المنهوب لن يستطيع في يوم تسديد هذه الديون التي أصبحت في قيود المانحين ديون معدومة طالما نحن نقوم بزيادة انفاقنا كل يوم دون تخطيط و بما ان الفساد اصبح مرض اقسى من السرطان في الجسم بحيث يستشري في بنيان هذا الوطن و في خلاياه. فكيف لوطن لم يعد لديه مشاريع تنموية ترفده بالعوائد تستطيع ان تغطي دينه ان يسدد ما عليه من ديون, كما هو التاجر الذي مردود تجارته عشرة دنانير كل يوم و يقوم بانفاق 15 دينار و يستدين 5 دنانير من اقرانه لتغطية العجز في مصروفه و متطلباته, هل تعتقدون ان هذا التاجر باستطاعته إعادة الخمسة دنانير التي استدانها, بالطبع لا, سنراه يصل الى نقطة يبدا ببيع اصوله و اهدار رأسماله من اجل تسديد قروضه هذا بالطبع اذا كانت اصوله و رأسماله يستطيعان تغطية ما استحوذ عليه من ديون. وهذا هو حالنا ببساطة فوطننا أصبح كالتاجر باع اصوله ولم يستطع تسديد ديونه وها هو الأن يجاهد من اجل البقاء من خلال استنزاف جيوب المواطن الذي كان وما زال و سيبقى اغلى ما يملك الوطن و لكن سوف يصل المواطن الى مرحلة يصبح بحالة لا يمكن ان يقدم اكثر مما قدم سوى ان يعرض أبنائه للبيع من اجل ان يرضي الوطن و الفاسدين و عندها يصبح الوطن بدون انسان يحلبه فالحكومة قامت بتجفيفه.

ما زلت اذكر في نهاية السبعينات وأوائل الثمانينات من القرن الماضي قامت وزارة الأشغال في حينه بتقديم مشروع مجمع الدوائر الحكومية والذي كان من المخطط ان يقام على طريق المطار من اجل وقف الأهدار بدفع بدل ايجارات للدوائر الحكومية المستأجرة وللتخفيف على المواطنين عند مراجعتهم الدوائر الحكومية ولكن البيروقراطية المتحكمة في الشأن الحكومي في ذلك الحين حكمت على المشروع بالأعدام. فها نحن بعد أربعة عقود وبعد اهدار المليارات نعاود الكرة مرة أخرى في تقديم مشروع جديد بصبغة جديدة هدفه زيادة المديونية والهدر، فكيف لحكومة مديونة ان تقوم بأنشاء مشروع دون اللجوء الى الاستدانة، حتى وان لم تقم بالاستدانة سوف تعمل على انشائه على حساب فوائد المديونية القائمة او تسديد ديون مستحقة. كفاكم استخفافا” بعقولنا. نتمنى على حكماء هذا الوطن تقديم النصح للحكومة بأمانة فيما يتعلق بهذا المشروع الفاشل ونحن على ثقة ان نرجسية حكوماتنا والقائمين على هذا الوطن لن تنصت الى أي نصيحة، فهم لا ينصتون الا لأنفسهم ومصالحهم واعتدادهم برأيهم و بقراراتهم على حساب الوطن فتبعات هذا المشروع سوف تكون الفشل مشروع الباص السريع الذي هو ناجح في عيون من استفاد منه ماديا”.

هناك العديد من الحلول و المشاريع التنموية التي طرحت على مبدأ الBOT يمكن ان تكون بديلة لهذا المشروع الفاشل جميعها قوبلت بالرفض و بالبيروقراطية القاتلة من متنفذين هدفهم فقط الاستفادة على حساب الوطن، فهناك مشروع قطار متطور تقدمت به شركات صينية يربط محافظات المملكة بقطار سريع على نظام ال BOT و لكن هذا المشروع يحتاج الى قرار ات عليا حتى يتم الموافقة عليه و لم يحصل على هذه الموافقات فكتب له كمشاريع كثيرة الفشل.

هل أصبح علينا ان نبكي على وطن كان في يوم وطن العزة و الكرامة و الشموخ، و ها هو اليوم اصبح يباع دون ثمن في سوق الفساد و الخيانة، هل نبكي على وطن اضاعه الفاسدون، الخائنون لأوطانهم الموالين لجيوبهم و فسادهم و ارصدتهم في البنوك. هل نبكي على وطن أصبح فيه قيمة المواطن ما يقدمه لجيوب الفاسدين من ضرائب ورسوم دون كرامة.

حمى الله وطننا وسدد الى طريق الخير خطاه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى