فيكيدوا لكَ كَيْدا / نداء أبو الرُّب

فيكيدوا لكَ كَيْدا

استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان) كلمات لن يدرك معناها الحقيقي إلا الذي اعتاد على مشاركة أحلامه وتطلعاته مع الغير ليتفاجأ بعدها بالانتكاسات والمصائب تسقط على رأسه تباعاً، نحن نؤمن بأنَّ الله خير حافظِ لعباده الذين يذكرونه في الليل والنهار، ولكن الثرثرة الزائدة وكثرة الحديث عن مخططاتنا للغد والمبالغة في إظهار الحماس والشغف لما هو قادم سببٌ في كثير من الأحيان لجذب سخط من حولنا وتحريض كيدهم الدفين ضدنا لنجد أنَّ ما نسعى له على وشك الذبول، وما قد يظهره البعض لنا من حسدٍ وخبثٍ قد يدخلنا في دوامة الذهول.

لستَ مطالباً أن تغلق على نفسك الباب وتمتنع عن الاحتكاك بالبشر من حولك، ولستَ مضطراً إلى التزام الصمت في الجلسات العائلية، وليس ممكناً أن تحبس نفسك في قفص وتعتزل أقرب الناس لك، كل ما عليك فعله هو الحديث عن حاضرك فقط واحتفظ بمشاريعك المستقبلية لنفسك، اجعلها سراً كبيراً دفيناً في أعماق فكرك، قد تتكلم بحسن نية وطيب قلبٍ عن كل ما تنوي القيام به لاحقاً، لكنك لا تعلم كيف سينظر لك الذي أمامك، هل سيفرح لأجلك فعلاً أم يكيد لكَ كيداً؟؟

 ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي بشكلٍ كبير في مبالغة البعض في الحديث عن أفكارهم وأحلامهم ليراهم الجميع إلهاماً ونبراس أمل لمن أقعدتهم الظروف وأنهكهم الكسل، وبعضهم لا يتحدثون عن مشاريع مستقبلية ضخمة وعظيمة المنافع، بل يكتفي بعرض مخططات عائلية شخصية سطحية، كالمرأة التي تكتب mom to be ثم بعد مرور شهور تعود لتكتب it’s a boy وتغيب وتغيب وتصل شهرها التاسع لتكتب can’t wait to see u baby وهكذا تستمر على هذا المنوال وتشارك الجميع خطوة بخطوة شهور حملها كلها دون أدنى مراعاة لمشاعر صديقات وقريبات عندها لم يرزقهن الله بأطفال أو يعانين من من مشكلة عدم الإنجاب، ودون مراعاة لمن لم يتزوجن بعد! لا أدري هل مشروع إنجاب طفل يستحق الحديث عنه بكل تلك التفاصيل المملة علناً وأمام مئات الناس بهذا الشكل الغريب؟ أم أن بعضنا لا يمتلك ما يشارك الناس به فيحرص على تضخيم أعمال عادية يقوم بها كفكرة إنجاب طفلٍ والتركيز على أنها أعظم إنجازات البشرية؟؟؟

قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ…هذه الآية تلخّص كل الحكاية، أنه مهما كانت أحاديث أحلامك أمام الغير بريئة وسليمة الغاية، لا تتحدث بما ستقوم به ففي كتمانك حرصٌ على مستقبلك وفي الصمت الإيجابي حماية، وخذ من التكتم على خطواتك القادمة خير سلاحٍ ووقاية، فبعضهم يتمنى زال النعمة عنك يمارس الكيْد  والحسد مثل هواية..!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى