جاجة واحد سلندر / رائد عبدالرحمن حجازي

جاجة واحد سلندر
أثناء خدمتي الوظيفية في إحدى البلدات وفي طريق العودة يومياً اعتدت على شراء احتياجاتي المنزلية من بعض المحال التجارية مثل الخضار وغيرها . ومن جملة هذه المحلات كان هناك محل لبيع الدواجن الحية . فقد جذبتني إعلاناته المتميزة عن باقي محلات الدواجن . دائماً كان سعر كيلو الدجاج عنده يقل عن باقي المحلات بعشرة قروش . أصبحت زبون دائم عنده وتولدت بيننا صداقة لدرجة أنني صرت أثق به . ففي بعض الأحيان يكون الوقت ليس في صالحي فاتصل به وأوصيه على حاجتي من الدجاج محدداً له الوزن التقريبي للدجاجة , واستمر الحال لمدة زمنية ليست بالقليلة .
في البداية كنت أتوجس من صاحب هذا المحل كون العيارات التي يستعملها كانت تتخللها بعض الحجارة المستديرة والملساء والتي كان يضيفها للعيارات المعدنية , ولكن هذا التوجس سرعان ما تلاشى بعد أن وضّح لي سبب استخدامه لهذه الحجارة . فقال لي : يا أستاذ هاي الحجار أني موزنها عالقدر , لد مثلاً هاظ الحجر اثنين كيلو والحجر هاظ ثث كيلوات … الخ . فقلت له حينها لماذا لا تستخدم الوزنات المعدنية وذلك من باب الشفافية للزبائن , فربما يأتيك زبون وتحدث بينكم مشكلة على التوزين ؟ فقال : طقم الوزنات حقة هظاك المبلغ والحجارة بتسد وبتوفي عنهن , وبعدين الزبون اللّي ما بعجبه لا يشتري من عندي الله لا يرده . بصراحة منذ ذلك الوقت اقتنعت بكلامه ولم أعد أفاتحه بموضوع الوزنات .
لم تنتهي حكايتي مع هذا البياع , فهناك أمر آخر كان يشغلني ويُحيرني وهو وجود عدد لا بأس به من بواجي السيارات المستعملة والتي كانت متناثرة بين الوزنات المعدنية وحجارة التوزين , لكنه لم يستعملها قط منذ أن تعرفت عليه . وفي أحد الأيام كانت المفاجأة والصدمة لي في آن واحد معاً . حيث طلبت يومها حاجتي من الدجاج ومن باب الصداقة بيننا وقفت مقابل البسطة التي كان يعمل عليها . لكنه كان يقول لي : تفظل يا أُستاذ أُقعد على عالكرسي هظاك واتريح , بلاش ينطّرِش عليك الدم . لكنني لم استجيب له وقلت له : مش مشكلة خليني واقف هاظا أني بتسلى أنا وياك . وعندما أدرك بأنني لن أغادر, قام بحركات لا علاقة لها بذبح الدجاج , حيث انتبهت لها وأشعرته بانني لم ألاحظ ما يقوم به . وهنا كانت الصدمة . فقد كان يسحب من مؤخرة كل دجاجة بوجية واحدة ويرمي بها في برميل النفايات الذي كان يلقي به فضلات وأحشاء الدجاج .
عندها أدركت كم كنت ساذجاً حينما وضعت ثقتي به وبحجارته الملساء . كانت هذه المرة الاخيرة التي اشتريت منه , بالإضافة لتقديم شكوى للجهات المختصة .
بالرغم من سلبيات وغش هذا الإنسان إلا أنه تفوق على شركات صناعة السيارات , حيث كان أول من صنع محرك للدجاج بسعة واحد سلندر . ولا أستبعد بأن هذا البائع قد طور خبراته وأدخل محرك للمواطن بسعة 6 سلندر في بلاد ضريبستان !
ملاحظة : جاجات صاحبنا كانن دايماً معبيات المحل اصياح !

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى