الملقي ونائبه العناني أمام بسطات الباذنجان والكوسا / بسام بدراين

يختصر الصحافي والناشط السياسي الإعلامي الأردني هاني الحسامي المسافة السياسية تماماً وهو يعلق على صورة تجمع أركان الحكومة أمام سوق الخضار في شهر رمضان بعبارة واحدة قال فيها «لا حول ولا قوة إلا بإلله».

في الصورة التي أثارت بعض الجدل والنقاش على وسائط التواصل الاجتماعي ينفذ رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي بحضور نائبه رئيس الطاقم الاقتصادي الدكتور جواد العناني زيارة ميدانية لأحد أسواق الخضار.

تقف الحكومة امام بسطة تبيع الخضار والفاصولياء والكوسا والباذنجان والهدف الإيحاء بأنها معنية بدوام وجود المواد الغذائية والتسهيل على المواطنين ومراقبة الأسعار التي يشتكي منها جميع الأردنيين.

الأجندة الإقتصادية والمالية ضاغطة بشدة على السلطات في الأردن فبالتزامن يعلن وزير المالية عمر ملحس بأن المديونية وصلت في بلاده لمستويات «حرجة».

على هامش افتتاح فعاليات أحد المؤتمرات يبشر الوزير ملحس الرأي العام بان كرة الأزمة المالية والإقتصادية تتدحرج ويقترب من الصيغة نفسها التي يقترحها سياسياً وزير البلاط الأسبق مروان المعشر قائلاً: لا يمكننا الاستمرار في النموذج الإقتصادي.

لم يحدد ملحس بصورة تفصيلية مقترحاته بخصوص النماذج البديلة.

مقاصد وزير المالية طبعاً من تصريح بهذه القسوة والإقرار مختلفة عما يتوقعه النشطاء السياسيون فهو لا يتحدث عن الإصلاح السياسي والإقتصادي ولا عن مواجهة الفساد ولا عن الإنتخابات النزيهة.

بل يؤشر تماماً على ما تقوم به حكومة الرئيس الملقي بدون إعلان وتصنيف خلافاً لما كانت تقوم به الحكومة السابقة بقيادة الدكتور عبدالله النسور وهو «الاعتماد على الجباية».

عليه تصبح صورة رئيس الوزراء ونائبه وبعض الوزراء امام كمية من الخضروات عبارة عن محاولة دعائية للإلتزام بالعمل الميداني بدون معالجات اقتصادية ومالية منتجة تخفف من البطالة التي اصبحت من ابرز الهموم بعدما ربطتها تقارير داخلية متعددة برواج التطرف بل والإرهاب.

صورة الفوضى التي أثارتها احتجاجات المتعطلين عن العمل في بلدة ذيبان شرقي العاصمة عمان هي التي تطغى الآن على غرفة التخطيط الإقتصادي التابعة للحكومة دون نتائج محددة بسبب تزايد المديونية وإرتفاع كلفة المعيشة وضعف النمو الإقتصادي خصوصاً وان مدناً أخرى في الجنوب من بينها الطفيلة والكرك تتحرك شعبياً باتجاه تسليط الضوء على المتعطلين عن العمل.

المؤسسات المرجعية ولمعالجة الوضع الإقتصادي المتردي وإرتفاع منسوب البطالة تستعين بنخبة من ابرز رجال المال والأعمال حيث قدمت مبادرات من بعضهم مثل طلال أبو غزالة إمبراطور الملكية الفكرية ورجل الأعمال زياد مناصير على أمل المساعدة في توفير بعض فرص العمل في ذيبان ومحيطها.
قصة المعيشة والبطالة التي تتسبب بنوع جديد من الجرائم الجنائية وتعلي من شأن العنف بين الناس وتضغط على الأجهزة الأمنية تشكل اليوم الأولوية بالنسبة لصناع القرار وبصورة توحي بان الرهان على مساعدات اللاجئين الدولية والمساندة العربية الجذرية وتحديداً السعودية أضعف أصناف الرهانات وهو ما قاله عملياً المعشر وهو يعلن بان السعودية لن تهتم بمساعدة الاقتصاد الأردني ولها أولوياتها.

حجم الضغط على المساحة المعيشية دفع العاهل الملك عبدالله الثاني لإعلان تأسيس مجلس للسياسات الاقتصادية بإشرافه شخصياً.
خطاب الملك في أول اجتماع للمجلس الجديد كان واضحاً ومباشراً وهو يعتبر «التراخي» في تنفيذ مشاريع وتوصيات تساعد المواطنين «مرفوضاً تماماً» وغير مقبول هذه المرة متحدثاً عن خلق فرص عمل جديدة في السوق للأردنيين والتعاون بين القطاعين العام والخاص في السياق.

في العادة لا تستخدم اللغة الملكية مثل بعض العبارات التحذيرية المشددة التي قيلت في الاجتماع، الأمر الذي يوحي ضمنياً بحجم ومستوى الأزمة ومخاوف انعكاساتها الاجتماعية والأمنية.

في الأثناء يستجيب الملقي ويطالب الشركات بتوظيف الأردنيين قبل الوافدين ويعدها بامتيازات إن فعلت ذلك مقابل تلميح بقيود على مسألة تشغيل الأردنيين قد تضعها الحكومة.

وفي الأثناء ايضاً يعلن قطاع تجارة السيارات بأنه خسر عشرات الملايين جراء قرار إداري واحد للحكومة رفع رسوم الجمارك على السيارات المستعملة المستوردة وبأثر رجعي.

قبل ذلك رفعت الحكومة اسعار المحروقات والتبغ والكحول ورسوم تسجيل السيارات ونقل ملكيتها على أمل التمكن من توفير 150 مليون دولار يريد البنك الدولي توفيرها قبل نهاية العام الحالي.

ذهنية «الجباية» على هذا الأساس تضرب من جديد في الأردن، الفارق بين حكومتي الملقي والنسور واضح في هذا المحور فالثاني كان يعلن بأن الجباية من مبررات صمود الإقتصاد ومالية الدولة والأول يمارسها بصمت.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى