كل عام وأنتم من الناجين / يوسف غيشان

كل عام وأنتم من الناجين

اذا سارت الأمور تمام التمام حتى صباح اليوم ، نكون قد نجونا من تصفيات نهاية العام المنصرم، فأقول لكم:
-كل عام وأنتم ناجون. أو كل عام وأنتم على قيد الحياة.
أما قصة تمنيات الخير والسعادة، فهي إسراف لا مبرر له وخيال يقع في مجال التمنيات فقط لا غير.
سنصحو بعد أن دارت الكرة الأرضة دورة كاملة حول الشمس و365دورة حول نفسها. سنصحو اذا سارت الأمور تمام التمام … أما نحن فنكون قد درنا ملايين المرات حول أنفسنا لتعود، كما كنا أو أسوأ، في أغلب الأحيان).
ها نحن اذا أحياء نرزق أحيانا « أو لا نرزق» على روزنامة العام الجديد.
..ها نحن على قارعة العام الطازج…نعم أننا ندخل صحراء هذا العام المجدب، بلا زوادة ، ولا كسرة خبز، ولا مطرة ماء ، ولا بعير عفيّ ومرتو. نعم.. لكننا ما نزال على قيد الحياة كما يبدو…حرّينكووووووووووو!.
ندخل بوابة العام الجديد بكامل بؤسنا السياسي والاجتماعي – أتحدث عن العرب طبعا- نحن جرحى وقتلى في كل مكان…. نحن على قارعة طريق الحياة.
اعتذر …لا انتوي التنكيد عليكم في هذا الصباح المشمس….. هذا الصباح الذي يقول لنا نحن الذين جاوزنا الخمسين…. بأننا قد خسرنا عاما ثمينا آخر… ونحن…..جيل ما قبل الإنترنت… نحن جيل على وشك الانقراض.
الجيل الذي يلينا لن يفهم إطلاقا لماذا لم يتزوج روميو وجوليت مثلا ، في مسرحية شكسبير، وما الذي كان يمنع من أن يلتقيا على الفيسبوك الذي كان يعمل على طاقة الفحم أو البخارـ وأنهما لو فعلا ذلك لما وقع بينهما سوء التفاهم الذي أدى إلى انتحارهما وموتهما بلا مبرر.
ولن يفهم الجيل القادم لماذا يقتل عطيل في – مسرحية شكسير أيضا- زوجته المخلصة لمجرد الاشتباه بمنديل أحمق ووشاية كاذبة ، أما كان الأجدر به أن يراقب حسابها على الفيسبوك؟؟؟
لن يفهم الجيل القادم قصة عنترة بن شداد وابنة عمه عبلة، ولا لماذا كان يعاني قيس ومعشوقته –ثم زوجته، ثم طليقته- ليلى ، كل هذه المعاناة، ولا لماذا يتشبب عروة بعفراء على الملأ. بالمجمل لن يفهم الجيل القادم تراثنا الفني العاطفي منذ الجاهلية مرورا بصدر الإسلام، فالدولة الأموية، فالعباسية ، فالفاطمية، فالأيوبيين، فالمماليك، فالعثمانيين، فالتحرر من الاستعمار.
=لا ننسى أن لغة الفيسبوك الغالبة بين الشاب الحالي والقادم هي اللغة الإنجليزية ..أو بالأحرى استخدام الحروف والأرقام الإنجليزية للتواصل بالعربي أو بالإنجليزي، مع استخدام النكزات والصور والمثيرات البصرية والصوتية…..بدون عواطف ولا دموع ولا تأوهات، بل على قاعدة:
– بدّك، أهلا وسهلا ..ما بدّك فيه غيرك على النت..باي.
خلص بلاش تنكيد ع الصبح… برضه أنا بقول باي-

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى