معركة الكرامة : لماذا استشهدوا ؟ / د نبيل الكوفحي

معركة الكرامة : لماذا استشهدوا ؟
د نبيل الكوفحي

..
الشهادة بلا شك أعظم التضحيات، ولا يوجد أعظم أثرا منها في تحفيز الشعوب للقتال والصمود والتضحية، ويظل الشهيد موضع فخر أهله ووطنه على مدى الزمان، ومخطيء من يظن ان ثمار الشهادة تعود على الشهيد بالآخرة فحسب، فانها تثمر حرية للشعوب وتحريرا للاوطان ولو بعد حين.
ذكرى معركة الكرامة التي حلت هذه الأيام، لا زالت شمعة مضيئة رغم كل الأوجاع والمحن، ولَم يكون الشهداء آنذاك يتسابقون للموت لأجل تسليم فلسطين لليهود المحتلين وسلام عيشهم على أرضها المحتلة، ولَم يضحوا لأجل “اتفاقية وادي عربة” كما لم يضحوا مطلقا لأجل اتفاقية الغاز المسروق.
كذلك ضحى الجنود الاردنيين واستشهدوا في القدس وصور باهر والخليل وبقية فلسطين لأجل تثبيت أهلهم على أرضهم وضمان عودة المهجرين السابقين لفلسطين أيضا. كما ضحى قبلهم الشيخ كايد العبيدات وأحرار الاْردن لأجل افشال وعد بلفور واستمرار حكم أهلها العرب على كل فلسطين من البحر الى النهر.
الشهداء سلطان الكوفحي و راتب البطاينه وأبناء عشائر الزبن وأبو درويش والخوالدة والخصاونة وغيرهم من العشائر الكريمة لم يكونوا من أبناء الفاسدين ولا المنافقين، فالشهادة شرف يمنحه الخالق عزوجل لمن يستحقه، ولا تشترى بأموال مسروقة ولا ب ” ألقاب الاستعلاء ” على المواطنين. ولا أحسب أكثرهم لديهم استعداد نفسي لذلك، فسلوكهم لا ينبيء بهذا أبدا.
أمام هذه الهجمة على الامة وثقافتها، واستسلام الكثيرين ممن تحكموا في مصائر الأوطان، يحب على الساسة كما المفكرين والإعلاميين الشرفاء أن يجعلوا من قصص الشهداء وتضحياتهم مشاعل نور وهداية للشباب الفاقد الأمل بالإصلاح والعدالة، ونماذج تضحية تدرس في المدارس والجامعات، ومسلسلات هادفة بدل مسلسلات التمييع الممنهجة، ولعلهم يقتدون بتجربة الأتراك كما في مسلسل ” قيامة أرطغول” .
الكرامة كما معارك الشرف السابقة التي خاضها الأحرار في فلسطين وغيرها، هي التي لا زالت قادرة على تقديم الشهداء قوافل في معركة التحرير، كما الشهيد الشاب عمر ابو ليلى الذي لا زالت دماؤه لم تجف بعد وهي تلعن الخونة من المتصهينين كما تلعن الصهاينة المحتلين سواء بسواء.
ما أحوجنا ان نتساءل ونحن نحتفل بالكرامة كل عام؛ لماذا استشهدوا ؟ وأعتقد ان الإجابة على هذا السؤال ينبغي أن تكون العنوان الأبرز لكل احتفالاتنا بالكرامة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى