نعم . إلى هذا الحدِّ أثقُ بقطر / إبراهيم محمد العمري

نعم . إلى هذا الحدِّ أثقُ بقطر .
يقولون : صَديقُكَ مَن صَدَقَكَ وصدَّقك، وأقولُ صديقكَ مَن نَشَرَ محاسنَكَ، وكانَ أمينا في مشورتك.
كُلُّ مَن له صلةٌ بي يعلمُ علم اليقينِ بأنّي لا أنتمي لحِزبٍ أو جَماعَةٍ أو جمعيّةٍ أو رابطةٍ أو جَبهَةٍ أو نظامٍ من أنظمة هذا العالم الذي اختلطت فيه طهارةُ الحق، بنجاسةِ الباطلِ، وأصبحَت الشّفافيةُ هَبلا، والشّقاوةُ ذكاءً، وقولُ الحقِّ أصعَبُ من الوقوع في شجرة صَبّار.
فأنا شاعرٌ أولا وباحثٌ عن الحقيقةِ ثانيا، أردنيُّ المولِدِ والنّشأةِ والولاء، أعيشُ منذ خمسة أعوامٍ في دولةِ قطر التي استحقّت محبّتي؛ لما وجدتُّ فيها مِن عدلٍ وأمنٍ وأمانٍ لم أجدهُ في غيرِها من دول العرب، واستحقَّ شعبُها احترامي لما رأيتُهُ من إخلاصهم وجدّهم واجتهادهم وهم يبنون بلدهم ويحرصون على تطويرها فخورين متواضعين، ولما يُظهرونه من شهامةٍ وحُسنِ خُلُق لكُلِّ مَن حلَّ ضيفا عليهم .
ولا أكتب هذا المقالَ لأدافعَ عن ( كعبة المضيوم ) قطر، ولا عن أهلها (مطوّعين الصِّعايب ) فقد برهنت قطر للجميع أنّها ثابتةٌ في وجه رياح الشرِّ، وأمواجِ الفِتَن، وأثبت أهل قطر أنّهم رجالٌ في وقت الشدّة، وصدورهم أوسعُ من فضاء الشّامتين، ولا أقول هذا الكلام لتنهالَ عليَّ أكياس الرزّ القطريّة، فما كُنتُ بوقا لأحدٍ في يوم من الأيام، وما رهنتُ حرفي لأحدٍ، وما أسلمتُ قلمي لأهواء البشر، وإن كنتم في ريب من ذلك فاسألوا ولا تتحرّجوا.

منذ عملتُ في قطر لم أسمع أنَّ قطرَ أكلت حقَّ عاملٍ فيها أو حرمته من حقوقه، ولم أعرف أحدا وقفَ أمام القضاءِ وعوقِبَ لأنَّ خصمهُ قطريٌّ، ولم أتعرَّض لمشكلةٍ في عملي – ومثلي كثيرون – وكان سببها قطريّاً، بل تجدُ الذي اختلقَ المُشكلة وأشعل نارها ووقف خلفها موظفاً فاسِداً غير قطريّ، يخاف أن تُكشفَ جيب الفساد التي أنشأها مع شِلَّتهِ غير القطريّة، حتّى ذلك الموظف – غير القطريّ – الذي خان أمانة وظيفته ماذا فعل به مديره القطريّ، وماذا فعلت به قطر؟ أنهوا خدماته ولم يُحرَم من حقوقهِ حين تمَّ إنهاء عقدهِ، وربّما لا يزال يعيش في قطر .
قطر التي تركت سيارتي في أحد شوارعها قيد التشغيل ونوافذها مفتوحة لأكثر من ساعتين، ولم يقترب منها أحد تستحقُّ أن أثقَ بها وبأهلها، ولا أنافق إن نشرت محاسنها، فهذه الدّولةُ التي وجدتُّ ابني حين ضاع في حديقتها الكبرى نائما في حضن المشرفة على الأمن وحبة الحلوى في يدهِ تستحقُّ ثقتي وأكثر.
وما دفعني إلى كتابة هذه الشّهادة بقطر وأهلها إلا كثرة (البَصْبَصةُ ) التي أراها أينما وجهت وجهي ممّن لم يعيشوا في دولة قطر، ولم يتعاملوا مع أهلها. فيا أيّها المبصبصون لا تهرفوا بما لم تعرفوا، فاللسانُ صديقٌ إن صدق وعدوٌّ إن تعدّى.
• البَصْبَصةُ لمن لا يعرفها هي: تحريكُ الكلبِ ذنَبه طمعاً أَو خوْفاً.
نعم إلى هذا الحدِّ أثقُ بقطر وأهلها.
إبراهيم محمد العمري – مقيم في دولة قطر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى