حِنّا أغنام البلد … حِّنا مواشيها !! / هبة إميل العكشة

حِنّا أغنام البلد … حِّنا مواشيها !!

“حِنّا كِبار البلد حِنّا كراسيها … حِنّا رِماحَ القِنَا اللي تعكّزت فيها…” قُرابة الخمسين عاماً مرّت على هذه الكلمات التي كتبها المشير حابس باشا المجالي رحمه الله… هكذا كانت رؤيتُه “لمحوريّة المواطن الأردني”!
اليوم، كلماتٌ أخرى تصدحُ في عقل المواطن الأردني .. “حنا أغنام البلد … حنا مواشيها…!” والسبب أن الباشا يوسف الدلابيح شبّه الأردنيين-في مقابلة تلفزيونية أُجريَت معه مؤخراً- بالأغنام التي ترعى ويسوقها الراعي للمياه ويعزف لها على “شبّابته” عندما تكون سعيدة، وذلك ردّاً على سؤال المذيعة “ما هي محورية المواطن الأردني في الخطاب الملكي؟”. الأردنيون رأَوا في هذا التعبيرإهانةً كبيرةً لهم، و ثارتْثائرتهم، ولم يرحموه ،وكأنه المسؤول الأول والأخيرعن كلّ الخيبات في هذا الوطن!

أما أنا فلستُ هنا لأهاجمَ الرجل، فأنا من دون معرفة مُسبقةٍ به رأيتُ في عيونه عفويةً وبساطةً لم أَرَها في عيون مسؤول من قبل، ولمحتُ من طريقة كلامه مع المذيعة الاحترام واللباقة والتواضع، وقرأتُ عنه فيما بعد وعن مواقفه النبيلة وشهادة الناس بأخلاقه العالية. لكنْ في كثيرٍ من الأحيان يخوننا التعبير، ونقولُ كلماتٍ لا نقصدها… وقد يكون هذا ما حدثَ مع الباشا الدلابيح. وهنا تساءلتُ لماذا لم يلتمس الأردنيون له عذراً، ولماذا هاجموه بهذه الطريقة العنيفة؟
والإجابة على هذا السؤال لم تكُن صعبة، فالمواطن الأردني مُثقَل بالضرائب وارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة، وكما نقول بالعاميّة “روحه واصلة لراس مناخيره”، لم يعُد يقوى على تحمُّل هفوات المسؤولين المقصودة وغير المقصودة. وما حدث مع الباشا أنّ ما سقط سهواً… سقط في أسوأ توقيت؛ في التوقيت الذي يتلقّى فيه المواطن “الخبطة” تلوَ الأُخرى. فالأردنيّ اليوم لم يبقَ لديه سوى بقايا عنفوان مزروعة فيه منذ زمن حابس المجالي ووصفي التل، فجاء وصف “الأغنام” ليجرح ما تبقّى لديه من كرامة!

ولكي نكون أكثر صراحةً مع أنفسنا، فإن تعبير “الأغنام” وإن كان خطأً غير مقصود، ربما ذكّرنا بأننا في هذا البلد نُعامَل فعلاً كالأغنام، لكنْ يا ليتَنا كتلك التي تحدّث عنها الباشا! فنحن أبعد ما نكون عن الأغنام السعيدة التي ترعى وتستمع لشبّابة الراعي. نحن كأغنامٍ تُحلَبُ كلّ يوم،ويُجَزّ صوفها، وتُساقُ للذّبح… تُستَغلّ بكُلّ الطرق وأبشعها، لا أحد يسألها عن رأيها؛ إنْ كانت راضيةً أو حزينة…جائعةً أو شَبِعة…لا يهُمّ مشاعرها وقدرتها على التحمُّل ما دامت تُعطي الحليب واللحم والصوف. وهنا تذكّرتُ قصة “مزرعة الحيوان” الرمزية لجورج أورويل، عندما أدركتْ الحيوانات حياتها البائسة والظلم الذي تتعرّض له-وذلك بعد أن استمعوالخطاب الخنزير الذي استغل نوم صاحب المزرعة-فقرّرتْ أن تثورَ جميعهاعلى صاحب المزرعة، ولكن لم تكُنالنهاية المرجوّة… وكم أخافُ من تلك النهاية! فيا أيّها الراعي،نسألكَ بالله أنْ تفتح أذنيك وعينيك جيداً… ولا تَجعلْنا فريسةً للذئاب.

مقالات ذات صلة

hebaakasheh07@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى