هرمنا

هرمنا
سالم فلاح المحادين

ينتابُنا كمٌ هائلٌ من الاستغراب كُلما عادت بنا ذاكرةُ الفيس بوك إلى منشوراتنا القديمة فيبدأ التساؤل المُلِّح الداخلي : ما الذي تَغَير حتى بدت بعضُ الحُروفِ غيرَ مُلائمةٍ للعقلِ الآن وغيرَ مُستساغةٍ داخلَ فكر الشخص نفسه ؟ هل كُنا أبرياء وساذجون ثم لم نَعُد كذلك ؟ هل كُنا أنقياء ثُمّ لوَثتنا الليالي ؟ ما هُو المُكتسَب الجديد الذي يدفعُنا للنظرة الجديدةِ تجاهَ أمرٍ كُنا قد رسمناهُ بالشكلِ الذي بدا لنا حينَها مُناسبًا ؟ هذه الأسئلة في الحقيقةِ جوابُها لا شيء سوى أننّا ننضجُ بتسارُعٍ يفوقُ إحساسنا نحوَ الأمور وتعاطينا لشؤون الحياةِ المُتعددة ، فيبدو حتى حرف العام المُنصرِم غيرَ قابلٍ للإستيعاب عندما نُسقطهُ على المُخيلةِ الجديدةِ في العامِ اللاحِق !
ثُمّ وبإطلاعنا على قائمةِ المُتفاعلين والمُتفاعلات مع المنشور القديم ستجد نصفهم على الأقل قد بات بجانب إسمه ( إضافة كصديق ) حيث تتيقَن عندها أنهم قد نضجوا أيضًا وأصبحوا الآن غير قادرين على احتمال رؤيةِ منشوراتك التي قد يراها البعض تافهة ويراها الآخر مُعقدة في ذات الوقت الذي يراها البعضُ إبداعًا وموهبة ، أو لعلهم فعلًا قد انغمسوا في التأثر بالتكنولوجيا إلى حدِّ الظن أنهم بإزالتي من قائمتهم قد منحوني ما يرغبونَ من ( زعلٍ ) يكفي لأن أبقى مُتأثرًا لعدةِ أيام ممتنعًا حتى عن الطعامِ والشراب من هولِ الصدمة !
وفي الختام أقول : نحن نكبُر يا صديقي الذي ما زلتَ مُستمتعًا رغم مرور الأعوام بوجودي شخصيًا وتكنولوجيًا مع أرق تحياتي لمن ما زال يترفعُ عن صغائر الأمور ويرتقي بعقلهِ إلى المكان الذي وجبَ أن يتربع فيه وعليه الإنسان على أبوابِ الأربعين وما تستوجبهُ هذه المرحلة السِنية من إستيعابٍ مُطلَق لكلمة ( هرمنا ) ..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى