طلائع الربيع / أحمد المثاني

طلائع الربيع

. . ما إن اقترب فصل الشتاء من الرحيل ، و هم بحزم آخر جبهاته الباردة ، و منخفضاته الخفيفة و العميقة ، و بعد أن
أدى مهماته ، فسقى الأرض و غسل النفوس
و بعد أن عادت نسمات الدفء .. و عاد للشمس وهجها .. و إذ بالحياة تدب في
أوصال البشر و الشجر ..
فها هي العيدان التي مسها السبات .. تصحو .. و تتبرعم فيها الثمار و الأوراق
و هي تعيد كرة الحياة .. و دورتها ..
و نراها قد اهتزت و ربت ..
و ها هو اللوز يتعجل .. ! و يكتسي ببياض
الزهر .. و لعله مدرك قصر موسمه !
و ها هي الأرض تهتز بالصحو .. و تنبت
بذورها التي اختزنتها … فترسم بالأخضر
الحقول و الروابي .. و منعرجات الطرق ..
و ها هو الدحنون يسكب حمرته .. فتصطبغ
الوديان بلونه القاني .. و ها هو يغازل
فراشات الحقل التي تلثم فم الزهر و تهمس لها .. بالحب .. فتستفيق و تنتشي ..
و ها هي الطبيعة .. تناجي أرواحنا .. و تبعث فينا شهوة الحياة .. و مباهجها ..
و تدعونا أن نخرج من سجن أرواحنا في
هذه المدنية .. التي كبلتنا بقيودها .. و
صادرت مد بصرنا .. و جعلتنا أسارى
الأسمنت و الإسفلت ..
الطبيعة أمنا .. تنادينا هلموا إلي أغسل
بالصدق أرواحكم .. و أعيد برمجتكم
و أرد إليكم طفولتكم ..
تعالوا و تنفسوا عطر الصباح .. و أنفاس الريحان و الخزامى . . اخرجوا من سجن
قصوركم إلى الآفاق الممتدة ..
تعالوا أعلمكم أبجدية العشق الطفولي ..
أغلقوا أصوات جشعكم و هدير احترابكم
و استمعوا لأصوات الشجو من العصافير التي تغرد .. و خرير الماء المنساب في مواكبه .. و أصغوا لحفيف الأشجار .. و شدو الأطيار .. أعيدوا ” دوزان” أسماعكم
و أعيدوا تأهيل ما فسد من حواسكم ..
و أعيدوا الحياة الحقيقية .. التي تسمو
بها أرواحكم .
و كل موسم عطاء و أنتم بخير

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى