“السيطرة” في إدارة الشركة المساهمة العامة / المحامي موسى الأعرج

“السيطرة” في إدارة الشركة المساهمة العامة
– مبدأ “الأكثرية مقابل الأقلية” من المبادئ التي ترتكز عليها ممارسة الديمقراطية السياسية، حيث تمارس الأكثرية التي يفرزها صندوق الانتخاب السلطة وتتحمل المسؤولية وتخضع للمساءلة، ويبقى المجال متاحاً للمعارضة العمل بالطرق السلمية لتصبح أكثرية.

– والمبدأ الذي تقوم عليه إدارة الشركات المساهمة العامة هو تشخيص لما تقدم، فيتم انتخاب مجلس الإدارة من الهيئة العامة للمساهمين، حيث للمساهم أصوات بعدد أسهمه، ولكن الفارق الوحيد هو أن الأصل في الديمقراطية السياسية، الحصول على الأصوات عن طريق الاقناع والاقتناع، في حين أن ديمقراطية الإدارة في الشركة المساهمة العامة تعتمد مبدأ الملكية (المال) في انتخاب من يدير الشركة.

– من هنا فإن مجلس الإدارة في الشركة المساهمة العامة يمثل إرادة أقلية من أصحاب الأسهم (كبار المساهمين)، أما باقي أصحاب الأسهم، فليس لهم إلا الرقابة على نشاط مجلس الإدارة من خلال اجتماعات الهيئة العامة، ولكن هل يمارس باقي أصحاب الأسهم تلك الرقابة؟ الجواب من الناحية العملية بالنفي، وإن كان ذلك متاحاً من الناحية النظرية.

– وتعود أسباب عدم ممارسة باقي أصحاب الأسهم أو معظمهم لهذه الرقابة، أن هؤلاء لا يجمع بينهم رابط، كما أن أسهمهم يمكن أن يتغير مالكوها في أي وقت من خلال بيع وشراء الأسهم، كما أن أصحاب الأسهم القليلة غالباً لا يعبأون إلا بالعائد المتحصل لهم لقاء مساهمتهم ولا يتجشمون حتى عناء حضور اجتماعات الهيئة العامة، أي أنهم بالنتيجة غير مهتمين أو غير مبالين.

– ولما كان يكفي لصحة نصاب اجتماع الهيئة العامة حضور مساهمين يمثلون أكثر من نصف عدد أسهم الشركة، وكانت قرارات الهيئة العامة يكفي لصحتها الحصول على أصوات أسهم تمثل أكثر من نصف عدد الأسهم المشاركة في الاجتماع، فإنه من المتصور، بل في الواقع، فإن معظم اجتماعات الهيئات العامة للشركات المساهمة العامة تصدر فيها القرارات بعدد من الأصوات يزيد قليلاً عن عدد ربع أسهم الشركة، الأمر الذي يعني، أن من يملك ربع أسهم الشركة زائداً سهماً واحداً يمكن أن يتخذ قرارات الهيئة العامة ويحتكر تعيين أعضاء مجلس الإدارة، وإذا أخذنا في الاعتبار التوكيل في حضور الاجتماعات (توكيل مساهم لمساهم) فإن من يملك أقل من ربع أسهم الشركة يمكن أن يحتكر تعيين أعضاء مجلس الإدارة ويتخذ قرارات الهيئة العامة.

– أي أن إعمال المبدأ الديمقراطي وعدم اهتمام أوعدم مبالاة صغار المساهمين أو عدم ممارستهم لحقوقهم في الشركة المساهمة العامة، هما العاملان اللذان يسهلان تحكم أقلية من المساهمين (كبار المساهمين) في إدارة الشركة، وليس الإخفاقات التي لحقت ببعض الشركات المساهمة العامة على مدى العقدين السابقين، وكذلك عدم الإقبال على تأسيس شركات مساهمة عامة خلال السنوات الخمس السابقة، إلا نتيجة لتحكم أقلية من المساهمين بالإدارة، خاصة وأن هذه الأقلية هي غالباً ما تكون هي التي أسست الشركة.

– ولما كانت النية تتجه إلى إصدار قانون جديد للشركات أو إصدار قانون معدّل لقانون الشركات الساري المفعول، فقد يكون من الضروري تبني نصوص تصلح ما أفسده تطبيق القانون الساري المفعول من ناحية سيطرة أقلية من المساهمين على إدارة الشركة المساهمة العامة، وما ترتب على هذه السيطرة من كوارث وتعثر في عدة شركات، وقد يكون من بين الحلول المقترحة تحديد عدد الأسهم التي لا يجوز الاكتتاب بأقل منها أو تملكها حتى يكون لدى المساهم الدافع للرقابة أو النص على إنشاء اتحاد يمثل أصحاب الأسهم الذين يملكون عدداً دون حد معين من الأسهم ليرعى مصالحهم أو غير ذلك مما يحول دون أو يخفف سيطرة أقلية من المساهمين على إدارة الشركة، وبغير ذلك ستبقى إدارة الشركات المساهمة العامة محتكرة من قبل أقلية مساهمين يملكون (أو يملكون حق التصويت أصالة ووكالة) ربع أسهم الشركة زائداً سهماً واحداً، أو أكثر من ذلك بقليل.

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى