حديث سواليف الرمضاني 25 : وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ؟!(1)

سواليف – خاص – د. منتصر بركات الزعبي

في حياة الأمم والشعوب أحداث خالدة وأيام مجيدة ،ولقد شرُفت هذه الأمة بأعظم الأحداث وأكمل الليالي ،ومما انعم به الخالق على هذه الأمة ،ليلة وصفها الله عز وجل بأنها مباركة ، لكثرة خيرها وبركتها وفضلها إنها ( ليلة القدر ). فضل ليلة القدر : لقد نوّه القران الكريم بفضل هذه الليلة العظيمة ،وأنزل الله فيها سورة كاملة ،قال الله تعالى : (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5) عظّم القران الكريم شأن هذه الليلة ،فأضافها إلى ( الْقدْرِ ) أي المقام والشرف ،وأي مقام وأي شرف أكثر من أن تكون ليلة خير وأفضل من ألف شهر – أي الطاعة والعبادة فيها خير من العبادة في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر -. أمّا ما ورد في فضل هذه الليلة ،في السنة النبوية المطهرة ،ما رواه البخاري من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم : (مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) ويحذّر النبي – صلى الله عليه وسلم – من الغفلة عن هذه الليلة ،وإهمال إحيائها فيُحرَم المسلم من خيره وثوابه ،فيقول – صلى الله عليه وسلم – لأصحابه وقد أضلهم شهر رمضان frown رمز تعبيري لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ ) وكيف لا يكون محروما من ضيع فرصة هي خير من عبادة 83 وأربعة أشهر. العمل في ليلة القدر : ليلة القدر ،هي ليلة عبادة وخشوع وطاعة وصلاة وتلاوة ودعاء وصدقة وصلة وعمل للصالحات وفعل الخيرات . عَن عَائِشَةَ رضي الله عنها ، قالَتْ: قُلْتُ: يا رَسُولَ اللهِ، أرَأيْتَ إنْ عَلِمْتُ أيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ، مَا أقُولُ فِيها؟ قَالَ: ((قُولي: اللَّهُمَّ إنَّكَ عَفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي)) أتدرون لماذا أوصى الرسول الكريم أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – أن تدعو على وجه الخصوص بهذا الدعاء ؟ لأن الإنسان في هذه الدنيا متلطخ بأوحال الذنوب والخطايا والآثام ،وهو بحاجة ماسة إلى عفو كريم يحط عنه ما علق به من خطايا وأوزار . وبما أن الله – عز وجل – عفوّ كريم يعفو عن السيئات ويعفو عن كثير أمر الرسول – صلى الله عليه وسلم – السيدة عائشة – رضي الله عنها – بالتوجه إليه سبحانه وتعالى في هذه الليلة العظيمة طالبة منه العفو والمغفرة . ففي الحديث القدسي يقول الله تعالى : (قَالَ اللهُ تَعَالَى: يَا ابْنَ آَدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوتَنِيْ وَرَجَوتَنِيْ غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ مِنْكَ وَلا أُبَالِيْ، يَا ابْنَ آَدَمَ لَو بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ استَغْفَرْتَنِيْ غَفَرْتُ لَكَ، يَا ابْنَ آَدَمَ إِنَّكَ لَو أَتَيْتَنِيْ بِقِرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لقِيْتَنِيْ لاَتُشْرِك بِيْ شَيْئَاً لأَتَيْتُكَ بِقِرَابِهَا مَغفِرَة ( وقد أمر الحق جل جلاله نبيه الكريم – صلى الله عليه وسلم – بالعفو والصفح ،فقال عزَّ وجلَّ : (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) كما أمر الله – سبحانه وتعالى – المؤمنين بما أمر المرسلين فقال جل وعلا : (فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ) الله جل وعلا عفوُّ غفور يعفو عن السيئات ،ويعفو عن كثير ،فإذا تاب العبد توبة نصوحا أنسى حافظيه وجوارحه وبقاع الأرض كلها خطاياه وذنوبه ،فالعفو ابلغ من المغفرة ،لأن الغفران هو الستر بينما العفو هو المحو ،والمحو ابلغ من الستر ،وهو ما اتصف به سيد البشر محمد – صلى الله عليه وسلم – أمره ربه بالعفو عمن أساء إليه ،فبين له أن سبب الشر الجهل ،ومصدره الشيطان ،ودواؤه الاستعاذة وذكر الله ،قال الله تعالى : (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ *) وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۚ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ * الأعراف

ارشيف 2015

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى