كيف تجعل من طفلك شخصاً مريضاً نفسياً؟ / رشا مقدادي

كيف تجعل من طفلك شخصاً مريضاً نفسياً؟

عنوان غريب لمقالتي هذه المرة اخترته من واقع حقيقي ومُجرب شبه يومي
من قبل السواد الأعظم في المجتمع الذي نعيشه .
نعم أعزائي فنحن الآباء من يزرع بذور الاضطرابات النفسية في داخل صغارنا
وعلى الرغم من عدم رغبتنا بالاعتراف بهذه الحقيقة إلا أننا نحول أطفالنا من
أفراد أسوياء وطبيعيين إلى أشخاص معاقين سلوكياُ, مضطربين نفسياً أو
مرضى نفسيين . ومن رأيي الشخصي أرى أن الإعاقة السلوكية أشد بلاءاً
من الإعاقة العقلية , لأن المصابين بالإعاقة السلوكية ينتشرون في سوق
العمل و يتزوجون ويمارسون حياتهم وكأن الأمر عادي فينتج لدينا مجتمع
كامل معاق سلوكياً ويعاني العوز الأخلاقي .
من الاضطرابات النفسية التي نكون سبباً في خلقها لدى أطفالنا:
القلق , الخوف , الرُهاب الاجتماعي و الاكتئاب وغيرهم الكثير .
وقد يصبح الأمر أكثر سوءاً فيتحول الاضطراب النفسي إلى مرض نفسي.
مع العلم بأن هناك فرق كبير بينهما.
والآن هل ترغب بمعرفة الطريقة التي تجعل فيها من طفلك شخصا مضطرباً
نفسياً يعاني القلق والتوتر الشديد أو الصراخ الدائم ؟
إليكم هذه التجربة البسيطة جداً والتي قام بها رواد علم النفس السلوكي
( واطسون و راينر ).
قام هذان العالمان بوضع فأر أبيض على مقربة من طفل صغير يدعى
” ألبرت ” دخل الى المشفى للعلاج من مرض غير نفسي.
وببراءة الأطفال بادر ” ألبرت ” بالتربيت على ذلك الحيوان الصغير وعندها
أصدر واطسون أمراً بإصدار صوت مزعج من خلف ألبرت, جعل ألبرت يصرخ
فزعاً. تكررت الحادثة مراراً وتكراراً وفي كل مره كان ألبرت يرى فيها ذلك الفأر
يصرخ ويفزع , إلى أن قام العالمان بوضع الفأر دون إصدار ذلك الصوت المزعج
ولكن ألبرت صرخ وفزع فور رؤيته للفأر الأبيض على الرغم من عدم سماعه
ذلك الصوت المزعج. بل وكان ما هو أسوء من ذلك استمر ألبرت بالصراخ
والفزع كلما رأى شيئا يشبه ذلك الفأر الأبيض كالأرانب البيضاء, ملابس
الصوف البيضاء أو قطة بيضاء. سواء رأى ذلك من قريب أو من بعيد
هذا ما ندعوه في علم النفس التربوي ” بظاهرة التعميم ”
والآن كيف نربط قصة ألبرت بموضوع المقالة ؟
الأب أو الأم اللذان لا يعرفان طرق التعامل الصحيحة مع أطفالهم أو يتعمدون
التربية الخاطئة من خلال الاستمرار في ضرب أطفالهم وتوبيخهم على كل
صغيرة وكبيرة سيولد لدى الطفل شعور دائم بالخوف والقلق والفزع
وسيعمم الطفل هذا السلوك مستقبلا على معلمه ومديره في العمل او مع
أي شخص آخر في موقع سلطة ونفوذ . هذه التصرفات التي يقوم بها الآباء
بقصد أو من دون قصد تولد اضطرابا نفسيا أو مرضا نفسيا يلازم ابنهم طوال
حياته .
حسناً, كيف نعالج أطفالنا من الخوف والقلق ؟
سأخبركم بالطريقة التي عالج فيها العالمان واطسون وراينر الطفل ألبرت .
قام العالمان بتكرار التجرية نفسها ولكن هذه المرة استخدما مثير شرطي
آخر وهو قطعة حلوى أو لعبة ( المثير الشرطي في التجربة الأولى كان
إصدار صوت مزعج ) ومع تكرار التجربة تخلص ألبرت من عادة الصراخ كلما
رأى شيئاً أبيضاُ يشبه الفأر .
من طريقة العلاج هذه نستدل على ضرورة التعزيز الإيجابي للطفل
والتشجيع عند تعلم أي شيء جديد .
في الختام أعزائي الآباء إن الأطفال يتعلمون كل شيء منكم الشجاعة
والجبن, النظام والفوضى, الهدوء والإزعاج ….الخ
قدموا لهم دائماً مثيراً شرطياً إيجابي حتى لو كان لفظياً فالطفل يتعلم
السلوك منك أياً كان صحيحا أم خاطئا , وإذا أردت أن ترى نفسك فانظر الى
طفلك.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى