أُّردُنِيُو فِيكْتّورهوْغُو البُؤَسَّاء / فداء العبادي

أُّردُنِيُو فِيكْتّورهوْغُو البُؤَسَّاء
فداء العبادي

لقد أنهيّت البُؤساء وتَنفستُ الصُّعداء
دانتي وصفْ جَحيمُ الآخِرة
وأنا وصفتُ جَحيمُ الأرّض

بهذه العِبَارات ,بدأ هوغو مقدمته معبرا عن فرحته بعد أن أنهى روايته (البؤساء ) .

حين تتجَاوز حُدود الاسّتِعارات المَجازِية , وتُصّغِي الى صَوت الواقِع سَيسّحَبُكَ البُؤس الى وجهَةٍ ليس فِيها سِوى مُجتَمعٍ في أخّمَصِ قُعّر الفقر , صّوَرَه (هوغو) في روايته البُؤساء التي تُمثِل كُل أسّرة في المُجتمَع الاردُني ,لِرَبّ أسُرةِ يذوقُ الأمَرّين من أجّلِ لُقمَة عَيشٍ لَه ولأطّفالِه , حتى باتِ إنسان يَائس بائِس حَاقِد قَاسي, يملأهُ الغضبُ والمَرارة على مجمتعٍ غدَا الفقرُ فيهِ (طبيعي ) .

مقالات ذات صلة

هلْ مِن الممكن أن يَكون (هوغو) أردني ,حتى استطاع وصّف المُجتمع بهذه الصورة الواقِعية ؟

هذا مَا يَجعلُكَ للوهلَة الأولى تَشعُر؛ وكأنها كُتِبَتْ (لنا ) ,رواية الفقر والغٍنى رواية الجَريمة والذنّب والغَضب, لِمجتَمَعٍ يَصّرخ في وجه البؤس والعَدم حتى اللانِهَاية .
رافقتني تفاصِيلها في كُلِ مكان , في البيت ,في الحّي الذي أسكن, في الشارِع في وجُوه [الشعب ] وبين عُيون الاطّفال؛ بدءًا مِن الإشَارة الضوئية مُرورًا بِزحمة [المُجّمع] وأصوات خُطى الكَادِحِين صَباحاً ,وفي [صِينّية ] القهوة التي يُلَوَحُ بها أمَام الكُشكَات على أطرَاف الشَّوارع , في سائِق [الباص والتاكسِي] ,وفي زوايَا الجامِعه وبين مقاعِد الطُلاب. رافقتني في نِهاية اليوم[بالسوق] في المحّلات وبين [رفُوف البَضَائِع المكّدسة ] التي اشتَمَلّت عُروض لِتسويقِها [ع الفاضي ] داخل المولات والمؤسسات,التي لَم تَعُد تُغرِي جَيب المُواطن(المخزوق) ,وانتهاءً بصُندوقِ المَعُونَة الوَطَنِية ,الذي بَدأ بِمساعدة( 5 آلآف )أُسرةٍ فقيرة فقط, عام 1985 لِتَصِل الآن الى مَا يَتَجاوز 90 الف أسرة (الواقع اكثر ) والمّستغرب في ذلك, أنه خِلال العّقدين الماضِيين لم يلتَفِت الذين (اشتغلوا ) بقضية البؤساء والفقر خّلفهم أو فَكروا السّؤال عن النتائج . وهذا دَليل على أنّ كُل الإجّراءات الحُكومية التي (يضحكون ) بها علينا ,لِمُعالجة تفَاقُم الفقر؛ ليسّت إلا دِعاية إعلامية .

هم ليسوا بخير (هؤلاء البؤساء الاردنيون) إنما باتوا يبنون لأنفسهم استراتيجية خاصة من أجل البقاء والمواجهة .انعكست سلبًا على (نفسياتهم).
فحِين تَنظر في وجّه الاردُني ,سَترى لَحظَات اليَأسِ والألَم, العَوز والحَاجة, وجَعُ قَلب ونِزاع بين الخَير والشّر,الفّضِيلة والرَذيِلة ,سَترى الخيبَة وإنكِسَار الرّوح .
تَفشّى البؤس والفقرحتى أصّبَح حاضرًا في كُل المواسِم, وكل البيوت؛ فَبَات كالوشّمِ في حياة الاردني ,وشمٌ لا تأكُلهُ النيران لن ينتهي إلا بالوصُول المطَلق للنهايات وهو “المَّوت” , فالاغنياء سَيموتون والفَاسِدين والسَارِقين والمُرتَشينَ, والآكِلِينَ حَقّ البؤساء أيضًا سيموتون ,والى جانبهم “الحكومة “. أما (الفقراء والبؤساء) فقد مَاتوا وهُم أحَيّاء ثم سَيموتوا مرة آخرى حين تنتهي حياتهم .”فالموت” هوعودة الأشياء إلى أصولها وسيبقى الكمال [لله ].
كُّل شيء غَالٍ, لَيس مِن شّيء رَخِيص غَير آلامِنا؛ فهي (منحة حكومية مجانية ).
وكما قال درويش :
عامٌ يذهب وآخر يأتي
وكل شيءٍ فيك يزداد سوءً يا وطني.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى