نكبة فلسطين بين ثعلب وكلب وثور / عبدالرحمن ظاهر

نكبة فلسطين بين ثعلب وكلب وثور

من يقرأ احداث التاريخ بتمعن يعلم علم اليقين ان النكبة الفلسطينية بدأت بالفعل قبل اكثر من مئة عام ، عندما قام المتآمرون مع الإنجليز و اليهود بخلع السلطان العثماني عبدالحميد الثاني عن الحكم في شهر ابريل عام ١٩٠٩ و ذلك بسبب مواقفه الصلبة ضد المخطط الانجليزي الصهيوني لاحتلال فلسطين ، و محاولته احباط كل المؤامرات لتقسيم الدولة الاسلامية الى دويلات قومية متنازعة ضمن مخطط الاستعمار الذي كانت تقوده الدول الغربية ، و حيث ان السلطان عبدالحميد الثاني الذي كان معروفا بورعه و تقواه و حرصه على حماية الامة التي تستظل بحكمه بكل مكوناتها الدينية و الطائفية و القومية و السياسية من الذئاب التي كانت تنهش لحمها ليل نهار ، كان حجر عثرة دائما امام الحركة الصهيونية و رعاتها ورفض التنازل لهم عن شبر واحد من ارض فلسطين رغم كل المغريات و الضغوطات ، حينها كان لا بد من ازالة ذلك الحجر من طريق إقامة دولة اسرائيل المزعومة ، فتمت المؤامرة الكبيرة على ذلك السلطان وتم خلعه و نفيه بعد تدبير ما يعرف بحادثة ٣١ مارت عام ١٩٠٩ حينها بدأت النكبة فعلياً ، فبعد ثمانية اعوام فقط استطاع بلفور إعطاء الوعد المشؤوم لليهود بإقامة وطن قومي في فلسطين دون ان يعيقه ذلك السلطان الذي اصبح مخلوعا و منفيا من بلده وعاصمته ، و في نفس العام اتجهت مجموعات كبيرة من المهاجرين اليهود الى فلسطين بحماية انجليزية و تواطؤ عربي مخجل ، و أسست تلك المجموعات المزارع و معسكرات التدريب السرية ، ومنها ضاحية الربيع في يافا و التي اصبحت نواة لمدينة تل ابيب القائمة حاليا على اراضي يافا ، و لم يكن عبدالحميد حينها حارسا قائما على مرماه يصد تلك الهجمات الخبيثة كما كان في فترة حكمه .
ان الناظر في التاريخ يعلم ان ما حدث عام ١٩٤٨ كان فقط اشهاراً وقحاً لذلك المخطط و اعلاناً لقيام اسرائيل رسميا ، و سكباً في الصحون للطبخة التي أوقدت النيران تحت مراجلها قبل ال ٤٨ بأربعين سنة ، ولم تكن نكبتنا بالصهاينة فقط ، بل كانت نكبتنا بالمتخاذلين والخونة من العرب الذين اتفق بعضهم سرياً مع عَرّابي الحركة الصهيونية على الصمت و الحياد و التظاهر بالعمى و تقديم المساعدة غير المعلنة ان لزم الامر في تعبيد طريق الوعد المشؤوم ، و بعضهم الاخر اكتفى بدور الناعق على اطلال الوطن المسلوب ، فضاعت فلسطين بين ثعلب وكلب و ثور .

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى