إعفاءات لكل من ‘هب ودب’ / سلامة الدرعاوي

إعفاءات لكل من ‘هب ودب’

تشير الأرقام الرسمية إلى أن مجموع الإعفاءات الممنوحة لواردات الجمارك حتى منتصف حزيران الماضي بلغت ما يقارب 850 مليون دينار، من أصل ما يزيد على مليار دينار قيمة البضائع التي دخلت للتخمين الجمركي، بمعنى أن الجمرك الفعلي كان فقط على بضائع وسلع بقيمة 150 مليون دينار، والباقي سلع معفاة لم تستفد الخزينة بشيء منها.
ومعلومات أخرى تشير الى أن مجموع الاعفاءات السنوية التي تمنح وفق القوانين الاردنية سارية المفعول والتي تتنوع من ضرائب وجمارك ورسوم مختلفة تتجاوز قيمتها الإجمالية ملياري دينار.
هذه المبالغ ضخمة ولا يمكن أن تكون بهذا الشكل لولا التساهل الحكومي المتراكم على مدى السنوات الماضية بمنح الاعفاءات لكل من “هب ودب”، وكأننا دولة غنية بها من الفائض المالي ما يسمح بمنح تلك الاعفاءات حتى على السلع الكمالية وغير الضروروية، وهذا كله تحت حجج واهية مثل تشجيع الاستثمار وتعزيز المناخ الاقتصادي في البلاد لبيئة الاعمال.
في الحقيقة؛ إن كثيرا من تلك الإعفاءات لا تحقق الغرض المرجو منها، وكثيرا ما تخرج عن الأهداف التي منحت لأجلها، والبعض يحصل عليها بغرض الاستثمار، بحيث يعيد تقييم مشروعه ليحصل على تلك الاعفاءات ومن ثم يبيع رخصته أو المشروع بعشرات الأضعاف، حتى قبل أن ييني حجرا واحدا في المشروع.
البعض من تلك الإعفاءات يتم بغرض تعزيز الأرباح، وتحت مسمى تشجيع الاستثمار ايضا، وهناك من الاعفاءات التي تمنح لقطاعات قيمتها المضافة على الاقتصاد الوطني لا تكاد تتجاوز رسوم التأسيس للشركات.
لاشك ان الاعفاءات لبعض المشاريع أمر ضروري، أما أن تعمم، فهذا امر اثبت الواقع فشله، بدليل تراجع الاعمال والانشطة للكثير من القطاعات التي تتمتع باعفاءات غير مسبوقة وغير مشروطة، فمشروع العبدلي على سبيل المثال، حصل على جميع الاعفاءات التي لا يتخيلها أي إنسان، ومع ذلك فالمشروع يواجه مأزقا ماليا صعبا، والجدوى الاقتصادية في مرحلته الاولى باتت معدومة للغاية.
لذلك يجب أن تعيد أجهزة الدولة مفهومها لالية منح الاعفاءات، وان تعيد تبويبها بالشكل الذي يحقق القيمة المضافة العالية على الاقتصاد الوطني، وأن تضبط قراراتها حولها وأن تلغي صفة التعميم على القطاعات، وان تتركز تلك الاعفاءات فقط على المشاريع بغض النظر عن القطاع طالما أن أهدافه تحقق بعدا اقتصاديا مهما للدولة، شريطة ان يكون هناك متابعات دورية لتلك الاعفاءات وتقييم الاستفادة منها حتى يخرج المشروع الى حيز الوجود والتشغيل الفعلي، وفي حال عدم تجاوب صاحب الاعفاء مع الهدف الاساسي لما حصل عليه من امتيازات، فإن للدولة الحق الكامل ان تسحب الاعفاء منه وتعيده الى نقطة الصفر لان بقاء الاعفاء دون تحقيق الهدف المرجو منه، هو هدر للمال العام وضياع موارد مالية على الخزينة التي هي بامس الحاجة لكل فلس يمنح على شكل اعفاء.
Salamah.darawi@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى