الفساد اللّقيط !! / خيري منصور

الفساد اللّقيط !!
حين شاعت مقولة عن اسباب انهيار الاتحاد السوفييتي هي عدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب تندّر احد الظرفاء العرب وقال ان وطننا العربي مؤمن ضد اي تفكيك او انهيار لأننا نضع الرجل المناسب في المكان الذي يليق به، وكان يقصد بكلمة المناسب المُصاهر او النسيب كما يقال في اللهجة الدارجة، وحين كشف المستور عن الفساد المزمن الذي تمأسس واستنقع بحيث اصبح من المتعذر وضع حد له كان للمصاهرة دور البطولة فيه، خصوصا في تونس، فأصهار الرئيس الذي اطلق جناحي طائرته وليس ساقيه للرّيح هم الذين تصدروا القائمة، لكنهم شأن امثالهم في كل زمان ومكان سرعان ما حاولوا الفرار ايضا تاركين ولي النعمة لمصيره في الفضاء حيث اعتذرت عدة عواصم بدءا من باريس عن هبوط طائرته واستقباله لاجئا .
وهناك حيلة لجأ اليها فئران السّفن في كل مكان، عندما اوشكت السفن على الغرق هي استخدام اقلامهم بدلا من المباضع لاجراء جراحة عجيبة تعزل الدورة الدموية عن القلب، وهذه الحيلة تلخصت في إدانة الفساد وهجائه كما لو انه ظاهرة مجهولة النسب، وعزل الفساد عن الفاسدين هو وصفة سياسية واعلامية نموذجية لمن يمسكون العصا من الوسط بحيث يضعون قدما في الماضي وقدما في المستقبل .
وبالمنهج ذاته تتم ادانة الخيانة بمختلف مستوياتها لكن بمعزل عن الخونة ويُدان الكذب بمعزل عن الكاذبين ويكون الكلام رقيقا ومُبللا بدموع التماسيح عندما يكون موضوعه الفقر بشكل مجرد وبمعزل عن الفقراء الذي يجري التنكيل بهم.
وهذه آفة قديمة وليست طارئة فمن يمجدون العروبة يزدرون العربي ومن يقدسون فلسطين يطاردون الفلسطيني كما لو انه جان فالجان بطل رواية البؤساء لفكتور هوجو والذي كان يحمل بطاقة يحرم من خلالها من اي عمل،
هكذا اذن، العربي المناسب بمعنى المُصاهر يوضع في المكان اللائق لهذا لن يكون مصيره كالاتحاد السوفييتي بل اسوأ بكثير، لأن روسيا بقيت روسيا وبدأ الدب يتململ وتعود اليه الحياة اما البعير فقد يُعلّق مذبوحا على عمود كهرباء ويباع بالاوقية وليس بالكيلو … فالتقسيم سوف يشمل الكسور العشرية ايضا !!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى