حديث سواليف الرمضاني 22 : وَلَكَ يَا بُنَيَّ مِثْلَهُ

سَأكونُ مَعَكُمْ اليْومَ فِي مَوضُوعٍ مِنَ الأهَميَّةِ القُصْوَى بِمَكانٍ وهو بِعنْوان “عقوقُ الوَالِدَيْن” فاسْمَحُوا لِيَ أنْ أقُولِ لَكُم : أعِيرونِي القُلُوبَ والوِجْدَان ، واللهَ أسألُ أنْ يَجْعَلَنا مِنَ (الَّذِيْنَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ}[الزمر: 17، 18] العُقُوقُ مِنْ أكْبَرِ الكَبَائِرِ ،وأعْظَمِ الجرَائِمِ بَعْدَ الشِّركِ باللهِ ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ – رَضِي اللهُ عَنْهُ – قَالَ : قَالَ : النَّبِيِّ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – : ( أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ ؟ ثَلاثًا . قَالُوا : بَلى يَا رَسُول اللهِ . قَال: الإشْرَاكُ بِاللهِ ، وَ عُقُوقُ الوَالِدَيْنِ ، وَ جَلسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا ، فَقَال : أَلا وَ قَوْلُ الزُّورِ ،وشهادة الزور ، قَال: فَمَا زَال يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلنَا : ليْتَهُ سَكَتَ ) [ رواه البخاري ومسلم ] . وهو سببٌ مِنْ أسْبَابِ الْحِرْمَانِ مِنَ الجَنَّةِ ،والطَّردِ مِنْ رَحمَةِ اللهِ التي وَسِعَتْ كلَّ شَئٍ ، لاينْفعُ معهُ أيُّ عَمَلٍ مَهْمَا كانَ سواءٌ كانَ صلاةً، أو صيامًا ،أو زكاةً ،أو حجَّا ،أو صَدقةً ،قالَ – صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّم – :(ثلاثةٌ لا يقبلُ اللهُ منهم صرفًا ولا عدلاً “فرضًا ولا نفلاً ” العاقُّ لوالدَيهِ ، والمنَّانُ، والمُكَذِّبُ بالقَدَرِ) وقالَ أيْضًا :(ثلاثةٌ لا ينَظُرُ اللهُ – عزَّ وجلَّ – اليْهِم يومَ القيامَةِ : العاقُّ لوالِدَيْهِ ،والمَرْأةُ المُتَرَجِّلةُ ،والدَّيوثُ – الذِي لا غِيْرَةَ عِنْدَه ولا حَمِيَّة) فالعقوقُ شُؤمٌ كلُّه ، وخَطرُ كلُّه ، فهو سببٌ الحِرمانِ مِنْ رَحْمةِ اللهِ . وكَمْ نَجِدُ ونَسمَعُ مَنْ يلتَمِسُ رِضَا زَوْجَتِهِ ، وَيُقدِّمُهُ على رِضَا وَالِدَيْهِ ، فربَّما لَو غَضِبَت الزَّوجَةُ لأصبحَ طَوَالَ يومِه حَزِيْناً كَئِيباً لا يَفرَحُ بابتسامَةٍ، ولا يسرُّ بخبرٍ، حتَّى تَرضَى عَنْهُ زَوْجَتُهُ المَيْمُون، وربَّما لّو غَضِبَ عليْهِ وَالداه، ولا كأنَ شَيْئاً قدْ حَصَلَ. وإليكم صورا للعقوق تتقطع لها القلوب: ذكَرَ أحدُ بائِعي الجَوَاهِرِ قَصَةَ غَرِيبَةً ، وَصَورَةً مِنْ صُورِ العُقُوقِ، يقولُ: دَخَلَ علي رَجُلٍ وَمَعَهُ زَوْجَتُهُ، وَمَعَهُم عَجُوزٌ تَحمِلُ ابنَهُما الصَّغَيرُ، أخذَ الزَوْجُ يُضَاحِكُ زوجَتَهُ وَيَعْرِضُ عليْها أفخَرُ أنواعُ المُجَوْهَرَاتِ يشْتَرِي مَا تَشْتَهي، فلَّما رَاقَ لَها نَوْعٌ مِنَ المُجَوْهَرَاتِ، دَفَعَ الزَوجُ المَبَلغَ، فقالَ لَه البَائِعُ: بَقِيَ ثمَانُون رِيالاً، وكَانَتْ الأمُّ الرَحِيْمةُ التِي تَحْمِلُ طِفْلُهُمَا قدْ رَأتْ خَاتَمًا فَأعْجَبَها لِكَي تَلَبَسَهُ فِي هَذا العِيدِ، فقالَ: ولِمَاذا الثمانون رِيالاً؟ قالَ: لِهذهِ المَرأةِ؛ قدْ أخذَتْ خاتَمًاً، فصرَخَ بأعْلَى صوتِهِ وقالَ: العَجوزُ لا تحتاجُ إلى الذهَبِ، فألقتْ الأمُّ الخاتَمَ وانطلَقتْ إلى السَّيارَة تبكِي مِنْ عُقوقِ ولدِها، فعاتَبَتْه الزَّوْجَةُ قائِلةً: لِمَاذا أغضَبْتَ أمَّكَ، فَمَنْ يَحْمِل وَلدَنا بعدَ اليومِ؟ ذَهَبَ الابنُ إلِى أمِّه، وَعَرَضَ عَليْها الخاتَمُ فقالِتْ: واللهِ مَا ألبَسُ الذَّهَبَ حتَّى أمُوتَ، ولكَ يا بُنَيَّ مِثْلَهُ، ولكَ يَا بُنَيَّ مِثْلَهُ.

ارشيف 2015

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى