حقيقة الدعم الذي لا يصل لمستحقيه / سلامة الدرعاوي

حقيقة الدعم الذي لا يصل لمستحقيه

منذ أكثر من عشرين عاما والحكومات تتحدث على الدوام بأن الدعم لا يصل لمستحقيه، وهذا التعبير يسبق الإعلان عن رفع الدعم عن عدد من السلع والخدمات.

الحقيقة أن هذا تعبير صحيح وهو حاصل في مجتمعنا، والبداية كانت بدعم المحروقات الذي وصل في بعض الفترات لأكثر من ملياري دولار، وقد استمرت جميع الحكومات برفع الدعم، لكن بقي التعبير على حاله دون تغيير: “الدعم لا يصل لمستحقيه”.

رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي قال صراحة في بيان الثقة إن حوالي 50 بالمائة من قيمة الدعم لا تذهب لمستحقيه، وهنا لا بد من التوضيح ووضع النقاط على الحروف.

مقالات ذات صلة

بالنسبة للمحروقات؛ لا يوجد أي دعم مالي رسمي مقدم لتلك السلع التي جرى تحريرها كاملة في نهاية العام 2012، ولم يبق شيء مدعوما سوى اسطوانة الغاز التي ثبت سعرها اسميا، لكنها بالنسبة لأسعارها عالميا فقد تباينت بين انخفاضات حادة وبين استقرار نسبي، وهو ما جعل هذا القطاع متحررا كاملا تقريبا من أي دعم من الخزينة.

أما الكهرباء؛ فتعرفتها الحالية تحقق أرباحا مجزية للخزينة بسبب التعرفة العالية على كافة الشرائح باستثناء الشريحة الأولى (الأقل من 600 كيلو واط) ، فهذه تقريبا مدعومة، لكنها لا تشكل شيئا في قيمة دعمها الاجمالي مقارنة بتعرفة باقي القطاعات الخدمية والتجارية والصناعية التي تدفع ثلاثة أضعاف كلف الكهرباء الحقيقية، ما يعني أيضا أن القطاع في حالة تحرر كامل من الدعم.

لكن البعض يرى أن هناك خسائر تراكمية بلغت 5 مليارات دينار على شركة الكهرباء الوطنية بسبب انقطاع الغاز المصري، وارتفاع أسعار النفط عالميا، وقد يكون هذا صحيحا ولكنه مبالغ فيه في بعض الاحيان، فانقطاع الغاز وارتفاع أسعار النفط العالمية استمر لمدة عامين انتهت في حزيران من سنة 2014، وبعد تلك الفترة انهارت أسعار النفط لأكثر من 70 بالمائة، ما يعني ببساطة عودة التوازن المالي للتعرفة التي حافظت على مستوياتها العالية.

الدعم المقصود به هو دعم الخبز والمياه، والبالغ مجموعهما حوالي 350 مليون دينار، منها 80 مليون دينار للقمح فقط والباقي للمياه، وهذا الأمر واضح للعيان، فكميات الخبز المهدورة واضحة جدا، فأكثر من نصفها يذهب لمربي المواشي، والفاقد في المياه يساوي تقريبا المستهلك من قبل المواطنين.

معالجة هاتين القضيتين بالتحديد لا يكمن أن تتم من خلال رفع الأسعار فقط، وإنما بآليات توزيعهما وإصلاح آليات الإيصال للمواطنين، سواء أكان للمخابز أم للمواطنين بالنسبة للمياه الفاقدة، لأنه ستأتي حكومة لاحقة وتتحدث عن نفس الموضوع لمواجهة عجز الموازنة المزمن، والأساس هو علاج المشكلة من أصولها، وهي وقف الهدر وإصلاح آليات الإيصال للمواطنين بكل مهنية ومسؤولية، وغير ذلك سيتكرر المشهد مع كل حكومة.

salamah.darawi@gmail.com

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى