الصدمة والأمل / نبيل عماري

الصدمة والأمل

اليوم 6 من حزيران عام 1967 صباحاً الناس اصابها التشويش خاصة عندما بدأت تتحول ابرة الراديو لسماع راديو لندن والذي بث اخبار مغايرة لما كانت الناس تسمع . وهنا سمعنا ان جحافل الجيش العراقي تمر من شارع الجيش المحاذي لحارتنا متجهاً للغرب وقفنا ونحن صغار ننظر لتلك الدبابات وبجانب دبابة رباعية المدفع وإذ بغارة جوية فألتف الجندي حول مقعده في تلك الدبابة وبدأ في اطلاق زخات من الطلقات المضادة ونحن من هول المفاجأة وصوت الأعيرة النارية القوية تفرعطنا وكل ذهب يركض بعيداً يركض بخوف شديد وذعر حتى وصلت البيت الهث وكانت بهدلة قاسية من والدتي وجدتي .
الزرقاء تدخل يوم 8 من حزيران الزرقاء حزينة والكل مكتئب وجوه الناس مكلومة والدموع تترقرق بالعيون . وخبر الهزيمة كان كبير وقاسي من أن يصدق . شاهد الناس وصول النازحين ألى الزرقاء والقهر الموجود في قلوب الناس جراء النكسة فمنهم لم يصدق ومنهم أصيب بالذهول ومنهم عم لي والذي كان يملك راديو ترانزستر ابو جلدة بنية ويجلس بجوار بقالة الحاج محمد يستمع للراديو والبيانات العسكرية وخطابات الرئيس الراحل جمال عبد الناصر حيث لم يخرج من بيتة أحتجاجاً عما حصل ولكنة خرج بعفوية وشعر بنوع الفرح بعد معركة راس العش والتي خاضتها قوات الصاعقة المصرية داخل الأراضي المصرية المحتلة ( سيناء ) وتكبد العدو خسائر فادحة وكانت يوم العاشر من حزيران عام 1967 .
وفرح بعد ان عرف عن بطولات الجيش العربي في شوارع القدس وسهل جنين حيث كانت خسائر العدو الأسرائيلي هي الأكبر على الجبهة الأردنية وبعد النكسة ظهرت مجموعة من الأغاني الوطنية كنا نرددها صغار مثل أغنية أصبح عندي الأن بندقية من شعر نزار قباني وغناء أم كلثوم وأغنية ( يوم الفداء ) لفريد الأطرش والقدس ديرتنا لتوفيق النمري .
ولكن أغاني فيروز والرحابنة من جسر العودة وشوارع القدس العتيقة وسيف فليشهر والطفل في المغارة بحيث أصبحت تذاع تلك الأغاني يومياً بعد ظهور برامج جديدة في الأذاعة الأردنية بعنوان رسائل شوق تقدمها كوثر النشاشيبي ومطلع البرنامج أغنية فيروز وسلامي لكم يا أهل الأرض المحتلة يا منزرعين بمنازلكم قلبي معكم وسلامي لكم .
مزاج الناس تغير بعد الحرب ولكن روح التحدي سادت خاصة بين الناس ولكن أكثر الأغاني كانت أنتشاراً هي أغنية حي على الفلاح وهي من كلمات الأخوين رحباني وغناء محمد عبد الوهاب .
بعد الحرب تغيرت الزرقاء وأصبحت تعج بالنازحين وأصبح التعليم على فترتين صباحي ومسائي . وفي المدارس تم توزيع الأعانات القادمة من المانيا وسويسرا وغيرها من الدول الغربية حيث كانت تصل أكياس طحين الزيرو البيضاء من أمريكا وعليها العلم الأمريكي وعلامة الشيك هاند وبعد تفريغ تلك الأكياس كان بعض الناس يصنعون من قماش تلك الأكياس غيرات داخلية لأطفالهم مع بقاء صورة العلم الأمريكي وعلامة الشيك هاند وتم توزيع معونات على المدارس تتكون من علب سردين وبسكوت سويسري وعلب البولوبيف وتغيرت ملامح الزرقاء السكانية والديمغرافية ودخلت عصر جديد .
وصرنا نسمع كلمات جديدة مثل أزالة أثار العدوان وما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة ومقولة الملك الحسين الراحل القدس قدسنا وستبقى لنا ولن نتخلى عن ذرة واحدة من ترابها الطهور .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى