كانت امه / علي الشريف

كانت امه

ولما بلغ بها الكبر وحيدة هي وامها تذكرت ان قطار الحياة فاتها وانها لم تتزوج ولكنها اسرت في نفسها فامها الان اصبحت طاعنة بالسن ولا تجد من يرعاها.
ماتت امها وفي غفلة هذا العمر وهي وحيدة طرق بابها بعض من اقاربها جاءوا اليها خطابا لقريبهم الذي توفيت زوجه .
لم يمهلوها بالتفكير فرضخت فهي فاتها العمر وكانت اسمى امنياتها ان تسمع كلمة امي وتزوجت وشاء الله لها ان تنجب ابنين اثنين اعتقدت في بادي الامر انهما سيكونان السند والظهر القوي لها.
ولان البيت الذي كانت تعيش فيه مع زوجها كان بيتا مليئا بالصبيان الذين تركتهم خلفها زوجة زوجها ولانها كانت تعاني من الام العملية الفيصرية قرر اخوان زوجها ان يذهبوا باحد الابنين الى بيت عمه لبعض الوقت حتى تتعافى وتنهض وهي لم تنكر ولكنها لم تك تدرك ان قادمها سيكون ماساة.
غادرها الصغير وبقي اخوه الاخر والذي غادر بات يكبر وهو يتعلم ان امه باعته وانها رفضت ان تبقيه في حجرها او ترضعه من حليبها حتى وصل الامر لا يعلموه ان امه التي حملته وهنا على وهن ووضعته كرها على كره كانت ترفض ان تطالب فيه او تاتي لزيارته.
كان هذا الامر بداية الماساة فقد اوغلوا قلب الولد على امه التي كانت بلا حول ولا قوة امام التسلط والتجبر والتغول والانكى انهم قالوا له انه بلا ام .
مرت الايام هي تكبر حتى شاخت وشابت خصلات شعرها فلم يعد الحناء يخفي شيب القهر وكان الابن يكبر وكلما طلبته ان ياتي اليها يعودون اليه يقولهم انها باعته ولم تسال عنه.
كبر الولد وكبر معه اخيه فكان الفرق الكبير بين التوام ان الذي رضع حليب امه بقي يقف الى جانبها سندا حتى انه كان اكثر خلقا بينما الذي رضع الكره والخبث وتعلم على الكره بقي لا يعترف بان التي حملت وتعبت هي امه فما تربى عليه كان ينكر كل شيء حتى امه.
كانت امه تكبر ويكبر الدمع في عينها ويتعربش الحزن على قلبها مثل الطحلب الذي يابى ان يغادر مكانه وكانت كل امنياتها ان تسمع منه كلمة امي او ياتيها صباح العيد ليعايد عليها مثل باقي الابناء او حتى يسال عنها في مرضها في تعبها وشقائها ولم يكلف نفسه بان ينظر ولو للحظة الى عينيها او يسمع تناهيد صدرها المحترق.
كانت امه ونسي وكانت وعاء حزنه ونسي وكانت هي الدعاء له ونسي ولا زالت تباهي به امام الناس وتدرك عقوقه وهو لا زال يمارس العقوق ولا زال يتهمها بانها التي باعته وهو طفل رضيع لانها كانت تشعر بالعار من وجوده.
كانت امه ومن قلبه غادرت فالذين اوهموه وعلموه الحقد ما سيقولون يوم يسالهم ربهم عما اقترفت اياديهم وماذا سيقولون حين يسالون عن قلب ام ذاق العذاب الوانا وما سيجيبون ان سالهم رب العزة عما اقترفت قلوبهم السوداء بحق ابن وام هي تريده وهو يهرب فقد قالوا له يوما انه كانت امه.
والذين منعوا عنه حليب امه ليسقوه كرها لها على كره ماذا سيقولون لرب العباد ان وصلوا اليه وكيف سيبررون هل سيكذبون على الله كما كذبوا على الولد لا بالتاكيد فهناك كتاب وصحف والله لا يغادر لا صغيرة ولا كبيرة.
لقد صنعوا بافعالهم عقوقا لام لا يغفره رب العباد وعلموه ان التي الجنة تحت قدميها باعته ليبقوا هم يستخدمون هذا المغدور ويقتسمون معه كل شيء راتبه الامه والمساعادات التي كانت تاتي باسمه اليه حتى نشا نشاة الجاهلية الاولى بل ان جاهلية العرب الاولى ارحم فالذي انكر الدواء على امه سينكر بعد ذلك كل شيء
هي عند الناس امه…….ولكنها في عقله ويقينه كانت امه فمن يزيل عنه عقوقه ويزيل فكره ويقنعه ان الام اذا غضبت فلا منجي من عضبها . الاهم هو وهو يقف بين يدي ربه ماذا سيجيب ربه عن عقوق امه الذي فاق كل شيء .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى