يُــــــــــــــمَّـــــــــــــــــــــــة

يُــــــــــــــمَّـــــــــــــــــــــــة

خالد العمري
أفتقدك يا أعز الناس ،، أفتقدك وأفتقد تراويدك ، تَرْوِيداتُ أمي كانت مزمارا من مزامير داود ، مليئة بالمحبة وبالحِكَمْ وكأنها حِكَمُ لقمان، تعظينا بها ، ومليئة بالفرح فكنت ترسمين الابتسامة على شفاهنا، ويلامس الفرح شغاف قلوبنا، كثيرا ما كنا نطلب منك “التراويد” حتى نستمتع وننبسط ونضحك ونتعلَّم، يا محلى اللمِّة ويا محلى طيب عيشنا ،، ويا مَ اصعب الفرقة ع اللي موالف، كانت هذه الكلمات مطلع ترويدة من تراويدك التي كنت تقولينها عندما نجتمع عند قدميك في بيتك وتتذكرين الفراق، وكأنك كنتِ تستشعرين دنو الأجل حينها. كنت لا تخشين الموت وترددين “مرحبابك يا موت” ولكنك بذات الوقت تخشين أن نُحرم قولة ” يُـمَّــة”، الله الله يا يُـمَّـة أتخافين علينا أن نُحرم قولة ” يُـمَّــة” ولا تخشين الموت! معك حق يُـمَّـة ،، والله معك حق لأننا حرمنا منك فما عادت الحياة هي الحياة.
يُـمــة ،، عشتِ تحبين الثوب المُطَرّز بالقطبة الفلاحة، تحبين جمال الأردن في تطريزة ثوب، ترين في تطريزته تاريخا وإرثا وثقافة وعزّا ، تحبين زيت الزيتون، واللوز، تحبين العنب والصبر، الفول الأخضر، والخرفيش والعِلْتْ والجلتون، عشتِ تحبين الأردن. وأحببتِ حوارة نابلس وجبع القدس وشعفاط حيث كانت ذكريات شبابك وبدايات زواجك، وأوائل ذريتك،، أحببتِ القدس وقبة الصخرة وأحببتِ فلسطين، أحببتِ المدينة المنورة ومكة وجِدة فلم تشبعي من شواطئها ولا من بحرها،، كم كنت تعشقين السهر على شاطئ الأبراج والنورس فيها،، فلله درّك فلقد أحبك أهل الأردن وفلسطين والسعودية كما أحببتهم.
عشقتِ الجيش ولباس الجيش، عندما كنت تشاهدين المراسم العسكرية تقولي: يا مزينهم الشباب، الله يحميهم لشبابهم ولأهلهم ولبلدهم، فأحببتِ كل أهازيج الجيش وكل من يغني للجيش وكنت تغني للجيش، وأحببتِ سميرة توفيق وهي تغني بالله تصبوا هالقهوة وزيدوها هيل، أحببت أغاني توفيق النمري ،، وعشقت صوت عمر العبداللات في كل أغانيه،، وأحببتِ جوليا بطرس دون أن تعرفي اسمها وهي تغني ” وين الملايين ،، الشعب العربي وين”، روحك أحبت الكلمة الجميلة واللحن المُزيّن بتراثنا وثقافتنا ،، وأحببتِ زهير النوباني ولم تنس دوره بشيطون وغليص، وأحببتِ حارة أبو عواد بكل حناياها وفنانيها من أبي عواد إلى مرزوق وسمعة وعواد وكلهم، رحم الله روحا عشقت فنًا جذوره هي ذات جذورك. أحببتِ الدبكات ويا أبو رشيدة قلبنا اليوم مجروح ،، يا محلى الدبكة معك يُـمَّــة
رحم الله روحًا كانت أجمل ما في حياتي، رحم الله روحًا كانت صاحبتي في هذه الدنيا وأسأل الله مصاحبتها في الآخرة، أكثر من قرأ سورة الصمد في هذه الدنيا ؛ فلم تكن تحفظ غيرها بعد فاتحة الكتاب، تتلوها في كل ركعة، وتصلي مع كل فرض نافلة مثله فتعيد تلاوتها مرة تلو أخرى، وتتلوها مع كل قيام ليل الذي كان عندها بمثابة فرض فلم تغب عن قيام الليل إلا لمرض .. ليتك معنا اليوم فأنا أعلم أنك كنت تحبين عيد الأم وتحبين رؤية غلاكِ عند أبنائك وبناتك وتحبين اللمة وتحبين قولة يُـــمَّــة ،، آآآه يُــــــــــــــمَّـــــــــــــــــــــــة ،، هنيئا لمن ما زال بإمكانه أن يقول يُــــــــــــــمَّـــــــــــــــــــــــة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى