زُلال سياسي

مقال الثلاثاء 5-1-2015
النص الأصلي
زُلال سياسي
قبل أسابيع ، حللت ضيفاً على محاضرة ، وبعد أن فرغت من قراءة بعض المقالات التي تتحدث عن الفساد والفاسدين وحقوق الناس وثروات البلد وعرضت بعض الفيديوهات التي تتكلم عن عدم تكافؤ الفرص وبيع المؤسسات الرابحة وارتفاع المديونية والتبعية العمياء لصندوق النقد الدولي …وقف شاب وسط الحضور ..ثم سألني سؤالاً مقتضباً ..أنت أنت..شو بدك؟؟… أحسست للوهلة الأولى من سؤال الشاب أني أحمل “جلن مازولا” وأقف باب بيتهم بلحية خشنة وأسنان مقلوعة أطلب منه ما تجود نفسه من “زيت السنة”…لكني تداركت معنى السؤال القصير المباشر وعرفت كم هو مؤلم ومرعب ويحمل حرارة الخوف من القادم ..
قلت له ببساطة : أريد أن أعيش !!..أمنيتي أن أصحو على وطن نظيف ليس فيه القوي يأكل الضعيف، أريد أن أصحو على وطن خال من السرّاق واللصوص والسماسرة والمنافقين والمزوّقين والمصفقين ، أحلم بوطن يكون فيه ابن الحراث وزيراً ،وابن الوزير حرّاثا…احلم بوطن مثل سويسرا ،يسوده القانون والتساوي والعدالة والمحاسبة والنزاهة ،أحلم بوطن نبحث فيه عن الفقير بشق الأنفس ولا نجده ، احلم بوطن تكون فيه حاويات القمامة للقمامة لا طبق عشاء للمعدمين ، احلم بالقرش الذي ندفعه للدولة ان يذهب للدولة ، لا يذهب للتنزّه أو السفر او الترف ، أحلم بمسؤولين يحملون درجة “خدّام” للشعب ، أحلم بمؤسسات ومستشفيات ومدارس وأموال وثروات الدولة ان تكون ملكاً للشعب وباسم الشعب ولخير الشعب..أحلم بسويسرا جديدة لكن بملامح بدوية هذه المرة ، ترى لم لا نكون سويسرا..لم يجب ان تبقى سويسرا الحلم المتفرّد…!!
أحلم الا أكتب عن الفساد يوماً، احلم ان أتقاعد باكراً لأتفرغ لكتابة الرسائل للعشاق والمراهقين،وسماع وردة الجزائرية ، احلم أن العب طاولة الزهر والطرنيب مع معارضين يشكون البطالة لاستقامة أمر الدولة ، أحلم أن أخرج من مقهى وادخل في مقهى لفرط الترف والفراغ بعد أن اطمئن أن وطني كله كله بخير..أحلم أن أرتدي دشداشة رمادية ، وشماغاً مهدباً وعقالاً ونظارات سميكة وانتظر آخر الشهر لأسحب راتب الجريدة من “ATM” ككل متقاعدي الدولة…احلم أن أصلّي الأوقات الخمسة جماعة في المسجد وأحضر كيساً من الجرجير والسبانخ والكلمنيتنا – من “بكم”يبيع خضاره بأسعار زهيدة – ككل الآباء الصالحين …أتمنى أن أنام بعد العشاء مباشرة ، بعد أن أغلق باب الدار عليّ “ثلاث طقات” متأكداً أن جميع أولادي حولي…ووطني في قلبي…
أحلم..ان يتعافى هذا الوطن…لأشفى من اوجاعي…وارمي بعيدا بعيداً كل كبسولات “الضغط الاقتصادي والزلال السياسي” ..

وطني أرجوك كن بخير..لأكون..

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫10 تعليقات

  1. “ان الله لا يغير ما في قوم حتى يغيروا ما بانفسهم ”
    والله يا قرابة انه تعاستنا من ” ……… ” والقوي ما صار قوي الا وهو مطمن انه الضعيف ما عمرة رح يتجرأ عليه ………..

  2. لا مكان للحلم في دولة تحبس مواطنيها لانهم انتقدوا اغنية فاشلة عن التعداد السكاني
    لا مكان للحلم في بلد يحبس ابنائه لانهم انتقدوا مذيع فاشل تعين بالواسطة
    لا مكان للحلم في بلد ممنوع التعيين في وزارة خارجيتها الا لابناء الذوات
    لا مكان للحلم يا عزيزي في مكان لا ينام فيه ابناؤه من الجوع…متى سيحلمون؟؟؟
    وان حلموا سيحلمون فقط برغيف خبز وحبتين فلافل

  3. إنت شو بدّك؟ آآآآآآآآآآآخ
    والله لم أعد أريد شيئا لنفسي إطلاقاً، أريد الأمن والأمان لأولادي، أريد أن تتحقق العدالة لهم، وأن تتساوى الفرص أمامهم، أريد ألا يكون منصب الوزير بالنسبة لهم كحلم إبليس في الجنة، أريد أن أتنفس هواء نظيفاً، وطعاماً غير ملوث.
    أريد أن يعود أولادي للمدارس الحكومية
    أريد أن أذهب لمستشفيات وزارة الصحة إذا مرض أحدهم.
    أريد أن نقول لا لأي قوة خاجية عندما يجب أن نقولها
    أريد أن يتسع الوطن لآراء تخالف رأي الحكومة
    أريد الوطن بخير …

  4. عقدتنا والله يا أستاذ احمد انا كل يوم بقرا مقالك لكن اليوم عقدتني وذبحتني (حسبنا الله ونعم الوكيل )

  5. منذ ان قرأت المقال جال في خاطري تعليقات متباينة، على ماذا أُعلِّق او لماذا أُعلِّق لا لمجرد التعليق ولكن الحالة التي تمر بها اوطاننا تتطلب اي جهد حتى وان كان بخة ماء من حشرة زاحفة كالتي أرادت إطفاء النار التي زُج فيها سيدنا ابراهيم عليه وعلى رسولنا السلام.
    يا أيها الكاتب المُبجّل ليس لك الحق أن تجيب على ماذا تريد انت، فالقلم لم يعد ملك لك ولا موقعك الشخصي يعود لك ولكن قلمك اصبح ملك للوطن. يجب عليك ان تجيب على أسئلة الوطن، ماذا يريد الوطن.
    اذا اراد الوطن ان نكون مواطنين صالحين فعليك ان تفضح العفن الذي يتغلغل بين أظهرنا لعل الجهر في المرض يستجيب له طبيب حكيم.
    اذا أراد الوطن ان يقوم على مؤسسات قوية بناءة فعليك ان تفضح الوساطة والمحسوبية لعل ان يتوقف تعين المناصب لأشخاص مؤهلاتهم مجرد انهم لا مؤهلات لهم.
    اذا أراد الوطن ان يكون الوزراء قادرين على حمل المسؤولية وخداما للشعب فعليك ان تكون المراقب على انفاسهم لعل ان يتوقف ترحيلهم من وزارة الى اخرى لمجرد ملئ الفراغات.
    اذا اراد الوطن نوابا رجالا يتكلمون باسم الشعب لا تاخذهم بالحق لومة لائم فعليك الوقوف على الكلمات التي ينطقون بها لعله لا يتم انتخابهم مرات ومرات.
    الوطن الوطن فلا قيمة لنا بدون الوطن، يجب علينا ان نبدأ عملية الترميم قبل ان يخر علينا السقف.

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى