يا أمّة الإحسان!! / د. ناصر البزور

يا أمّة الإحسان!!

كان عشاؤنا ليلة أمس فتَّة عدس بخلطة فلاّحية خاصّة مِن إبداعات الغالية أمِّ قُدامة… شوربة عدس (ولكن دون ماء المطر كما قد يتبادر لذهن الكثير مٍن الاردنيبن)؛ بقايا خبز “جافر”، بصل أخضر، فلفل حار، رقائق مكبوس اللفت والخيار 🙂
إذا قلتُ لكم يا سادة أنّ تلك الوجبة كانت ألَذَّ وأشهى مِن المنسف البلدي فلا تستغربوا؛ لا أقول هذا لأنّني كنت جائعاً كما قد يتبادر إلى أذهان البعض؛ فالجائع يرى كلَّ شيءٍ لذيذاً… فأنا لم أكن أشعر بالجوع قطَّ؛ ولكنّ الوجبة كانت بديعة الصُنع… 🙂
فلذّة الطعام ليست بتكلفته ولا بمكوّناته بل بنَفَسِ ومهارة وإحسان صانعه… 🙂 فكم من الأطباق تفوق تكلفتها عشرات بل ومئات الدنانير تكون بلا لون ولا شكل ولا طعم… 🙁 وكم مِن الأطباق تكون تكلفتها ديناراً أو دينارين وتبقى نكهتها في الذاكرة لسنين… 🙂
يا سادة ما نحتاجه وما نفتقده كثيراً في حياتنا هو الإتقان والتجويد والإحسان فيما نصنع… 🙂 نريدُ طبيباً مُحسِناً…نريد أستاذاً جامعياً مُحسِناً…نريد معلم مدرسةٍ مُحسِناً…نريد طاهياً مُحسِناً… نُريدُ زوجاً مُحسناً…نُريدُ خبّازاً مُحسِناً… نريدُ مسؤولاً مُحسِناً… فغير المُحسِنين وغير المُتقنين وغير المؤهّلين “خَرّبوا” الجامعات والمدارس والبيوت والمُستشفيات والمصانع وأهلكوا الحرث والنسل… 🙁
يا سادة لا نريدُ أن يبقى مفهومُ “الإحسان” تقليدياً ومحصوراً في دائرة الاعتقاد وفرائض العبادات والروحانيات كما يفهمه الدراويش… 🙁 بل نريده واقِعاً عملياً مُعاشاً في جميع تفاصيل حياتنا… 🙂 #يا سادة نحن أمَّةُ وأحسنوا_إنّّ_الله_يُحِبُّ_المُحسنين… يا سادة نحن نقرأ القرآن كلَّ يومٍ وكُلّنا يعرف جميع تفاصيل سورة يوسف الذي أثنى عليه أهل السجن مرّةً وإخوانه مرّة أخرى فقالوا في موضعين مُختلفين:”إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ”؛ فأنجاه إحسانه بتعبير الأحلام من السجن… وأنجى إحسانه في الإدارة والاقتصاد مصر من الجوع والهلاك…وانجى احسانه في علم الاجتماع إخوانه وأهل بيته من التفكّك والضياع…

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى