” ايها الزمان … ارفق بنا !” / د. محمد شواقفة

” ايها الزمان … ارفق بنا !”

يلازمنا الألم و الحزن و نحن نعيد عقارب الساعة قليلا الى الوراء …. لقد رحلوا بلحظة و دونما إستئذان …. لم يتركوا لنا أي فرصة لنمارس طقوس الوداع الذي كنا نعرفه و نتوقعه و لكننا نرفضه في كل لحظة …. لماذا ايها الوقت تسرق منا أجمل الاشياء و التي نتمنى لو تعود فنعيد تلك اللحظات الأخيرة مرة أخرى ….
هل يمكن أن لا تكون تلك اللحظات آخر الضحكات و الجمل الأخيرة في سطور قصتنا معا …. ألا يمكن أن تعيدها علينا بثوب جديد …. لربما أردت أن ازيدها حرفا أو أنقص منها كلمة …. حكايتي لم تكتمل و كنت أظن ان هناك متسعا من الوقت لبعض الحديث …. لم أعرف أن وقتنا معا انقضى …. لا يزال في جعبتي كلام كثير لطالما رغبت أن أبوح به …. لكنني لم أفعل !!…
لربما أرغب في أفعل أشياء بسيطة لا تعدو أن تكون أكثر من ركض في الازقة و مداعبة هبات النسيم …. و أن أستمتع بمراقبة أوراق الخريف تحملها ريح رقيقة تبللها حبات المطر على استحياء …. و لربما قد أرغب بقطف تلك الزهرة التي تقابلني بابتسامة خجلى فلا أقطفها و أمضي ….
ألا تعود ايها الزمان للحظة ما قبل الفراق ….. فأستطيع أن أقرأ شوقي في صفحات وجوه الراحلين … و أسمع في حشرجات أنفاسهم التي غابت ترانيم الحنين …. أعانق أرواحهم …بدلا من الكتابة لهم في صفحات البعد و الهجر و الغياب …
على هذه الأرض ما يستحق الحزن ! …. عندما يذبل الياسمين و تغيب رائحته مع قوافل العابرين…. حين تركنا سماءنا تغيب زرقتها في غياهب سواد الغيم …. و انهمكنا في مطاردة احلامنا و اوهامنا …. و رسمت على جباهنا لعنة الاغتراب …. لماذا لا ترأف بنا و تعيد لنا لحظات تسربت من بين أناملنا …. لربما قد نكمل بعض قصصنا و نرسم في دفاترنا نهايات مختلفة ….
أيها الزمان …إرفق بنا …و أعد لنا ما سلبته منا …. وإن كنا قد تخلينا عنه طوعا ….
هناك من يتمنى أن يعود به الزمان ساعة …أو يوما ..أو سنة …. أو لربما أكثر من ذلك … لا أروم مزيدا من الفرح أبدا .. بل هي محاولات يائسة لنسيان كثير من الألم ….
أعلم ان من رحلوا لن يعودوا …. و لكن الألم لم يبرحنا لحظة …. لولا بقايا ذاكرة مهشمة و صور اختلطت ألوانها ….

” دبوس عالتوقيت !! ”

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى