عبدالله .. الشاب الذي جال على السوق مرات ليشتري بدلة الإعدام لأبيه الرئيس

سواليف
قد لايعرف كثيرون عن الشاب المصري، عبد الله مرسي، الهادئ والثائر كالبركان في نفس الوقت.. قد لايعرفون سوى أنه ابن الرئيس الراحل محمد مرسي الذي قتله الانقلابيون سجنا وظلما، قبل أن يجهزوا عليه تماما في 17 حزيران/يونيو الفائت.

قد لايعرفون من “عبد الله” سوى أنه ابن “محمد مرسي” فيكون ذلك سببا للترحم على الأب، وعلى الابن الذي لحق بأبيه قبل ساعات، فضج كل من يكره الظلم والظلمات بحزن، تعلوه مسحة سميكة من الكآبة على ما وصلت إليه مصر.

لكن “عبدالله” الابن الأصغر لـ”الرئيس الشهيد” كما يلقبه مناصروه، كان على حداثة سنه عملاقا في سلوكه وصبره، إلى درجة تحمله عبء مهمة لايمكن لأحد تخيلها، ولم يطلع عليها سوى أقرب المقربين له.

ففيما كان الانقلابيون يحاكمون “محمد مرسي” ويفبركون له شتى التهم، من أجل أن يخرجوا بـ”تبرير” لقتله (إعدامه قضائيا)، كان على “عبد الله” المحبب لأبيه والأشد قربا لقلبه، أن ينزل إلى السوق ليتشري بدلة الإعدام لأبيه.. نعم، يشتري بدلة الإعدام لأبيه ويجول على المحلات مرة ومرات من أجل أن يجد بدلة إعدام ترضي السجانين وتطابق “مواصفات” البدلة المطلوبة، في واقعة لايمكن تخيل حدوثها إلا في بلداننا المثقلة بأحمال من القهر.

فقبل نحو شهر، وبينما كان الانقلابيون وأتباعهم يواصلون تشويه صورة “محمد مرسي” وأسرته، وفي مقدمتهم “عبدالله”، انبرى أقرب المقربين من “عبدالله” وصديقه الحميم “خالد جاد” ليروي للناس الواقعة الصاعقة.

“جاد” الذي يعيش حاليا في المنفى مطاردا من الانقلابيين، شأنه كشأن كثير من شباب وشابات ورجال مصر الطامحين للحرية، الذين باتوا بين قتيل ومعتقل ومنفي.. أثار حنقه انقياد البعض لدعايات الانقلابيين السوداء ضد أسرة “مرسي” وتحديدا عبد الله، فباح بالسر قائلا باللهحة المصرية: “عبدالله هو واحد من الصحاب الجدعه القليلة اللي طلعت بيهم من الدنيا لحد دلوقتي و كل موقف صعب كان بيعدي سواء عليا أو عليه كانت قيمة الصداقة دي بتبان أكتر و أكتر مع المواقف.

وتابع: “عشت مع عبدالله أيام ربنا وحده يعلم بشدتها و مُرها و هو واحده العالم باللي كان بيمر بيه وقتها، كنا ننزل أنا و هو نلف عالمحلات نشتري لبس الإعدام لوالده!! زي ما إنتوا قريتوا كده لبس الإعدام!! متخيل يعني إيه ابن ينزل يلف عالمحلات علشان يجيب لبس إعدام لأبوه و يفضل يدور و يلف علي حاجه مناسبه بحيث إداره السجن ماترفضاهاش و مايكنش عليها أي علامة تجاريه أو براند معروف في حين إن مبارك كان بيدخل قاعة المحكمه متشيك و لابس ولا أجدعها ملك!”.

وأكد “خالد”: “نزلنا جبنا ملابس حمرا للإعدام و للسجن مع بعض حوالي 3 مرات مره لبس باللون الأبيض و مره بالأحمر و مره بالأزرق و كل مرة ماكنتش عارف ممكن أواسيه إزاي ولا أقوله إيه، إلا إنه الحقيقه كان أسد و راجل متماسك جداً و مسيطر علي مشاعرة، إحساس صعب و مريب لما تبقي نازل تجيب لأبوك ملابس سجنه أو إعدامه، و في كل مره كان يروح يسلم الحاجه كان يبقي علي أمل يروح يشوف أبوه و لكن للأسف كان يروح يسلم الحاجه للإدراة و يمشي من غير ما يعرف يشوفة حتى!”

وكشف “خالد”: “كان لازم كل جلسة في المحكمة يروح يحضرها علشان يشوف أبوه من بعيد من وراء قفص زجاجي و يحاول يطمن علي أحوالة و أوقات كتير كان يعرف من هيئة الدفاع إن اللبس إترفض من إدارة السجن و مادخلش!”.

طبعا هذا غيض من فيض عن “عبدالله” الذي كان يواجه حتى الساعات الأخيرة كل الانقلابيين، ويسميهم بأسمائهم دون وجل وفي مقدمتهم “السيسي”، مطالبا بمحاكمتهم وعدم نسيان دماء الشهداء التي أراقوها في الساحات، كما بقي حتى اللحظات الأخيرة متمسكا بأخيه “أسامة” المعتقل لدى الانقلابيين حتى الآن، والذي لايعلم إن كان سيلقى مصير أبيه في السجن، أو يطلق فيلقى مصير أخيه!

أفبعد هذا يمكن لشاب كعبد الله لم يتجاوز أوساط العشرينات، ورأى اعتقال أبيه ظلما وموته قهرا، وكان عليه أن يذهب لاختيار بدلة إعدام والده بيديه، وكان عليه أن يدافع الانقلابيين ويقاومهم، وأن يطالب بحرية أخيه والحرية لكل معتقل في سجون الانقلاب.. أفبعد هذا يمكن لقلب في جسد إنسان كهذا أن يصمد، وكيف يصمد، وهو الذي كتب صاحبه قبل نحو شهر ونصف من الآن: “والله يا أبي لا يشفي صدري ويجبر روحي المكسورة ويذهب حزني إلا أن ألحق بك علي دربك وطريقك، فلم تعد لدي رغبة في الحياة من بعدك يا أبي، فارقت الحياة فكيف لي أن أعيش بدون وجودك فيها كنت أصبر نفسى بأنك يوماً ستعود ونجتمع مرة أخرى”.
كلمات دلالية:

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى