المقاطعة أسلوب حضاري / باجس القبيلات

المقاطعة أسلوب حضاري

المقاطعة تعني الامتناع عن معاملة الآخرين اقتصاديا أو اجتماعيا وفق نظام جماعي مرسوم، شريطة عدم حدوث الانحلال الذي بالتأكيد سيولد الفوضى بين الأردنيين الذين لجأوا لهذا الأسلوب _ المقاطعة _ بعدما أعسرهم الضيق، وأمضهم البؤس، وأثقلت كاهلهم أعباء الحياة في الآونة الأخيرة في محاولة بائسة للتخفيف من وطأة غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار .

ولا شك في أن عزم الحكومة وإصرارها على رفع الضرائب والرسوم في قادم الأيام لجمع المال، سيستفز الشعب الأردني ويدفعهم نحو الاستمرار في المقاطعة، رغم علمهم أن هذه المعاناة جاءت من أولئك الذين كونوا ثروات فادحة من قطرات العرق التي تنضح على جباه المستضعفين أنصاف العراة في هذا البلد، فكان من باب أولى بالحكومة أن تجتث تلك الزمرة الفاسدة، وكذلك إيقاف بعض المزايا والمياومات والرواتب العالية التي تمنح للمسؤوليين في الدوائر والوزارات بحزم وصرامة؛ لأننا إذا لم نجتث هذا الداء من جذوره تكونت عندنا طبقة برجوازية لا تمت إلى واقع حياتنا بصلة وهي أشد خطرا على مستقبل البلد من الاستعمار نفسه .

وعلى منوال الحكومة نفسه، سار الشيخ (أحمد هليل) أمام الحضرة الهاشمية وقاضي القضاة سابقا، عندما اتخذ المنبر في خطبة صلاة الجمعة لدرء هذه المعضلة _ المالية _ التي من شأنها تأزيم العلاقة بين الحكومة والشعب، مستنجدا العون والمساعدة للأردن من ملوك دول الخليج العربي وأمرائه، فكانت مغامرة سيئة لا معنى لها ولا تليق بالشعب الأردني الموصوف بالطيبة، والمروءة، ودماثة الخلق .

وعودا على بدء، فإن المقاطعة هي الهدف الأجدى للمجتمع، وتأكيد على حديثي فأني أسوق مثلا على ذلك التاريخ الإنساني، الذي زخر على مر العصور بالكثير من الأمثلة والصور التي استخدم فيها سلاح المقاطعة الاقتصادية بوصفها وسيلة من وسائل الضغط لإخضاع الطرف الآخر على التراجع والاصغاء لمطالب المقاطعين وقد نجحت في أحيان كثيرة .

لذلك وقد بلغت المقاساة ذروتها، وطلبات الحكومة تزداد تعقيدا وتضخما يوما بعد يوم، ولم تعد الظروف ملائمة لتنفيذها، والشعب أصبح محبطا من الإصلاح وممتعضا من أسلوب الجباية، الذي يطال أبناء الطبقة الكادحة الذين أشهروا إفلاسهم منذ فترة طويلة، أقول: إن المقاطعة سلاح من أسلحة الردع والضغط وخير وسيلة يلجأ إليها المواطن في سبيل ما يرنو إليه .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى