عن امتحان الرياضيات أتحدث! / شروق طومار شروق طومار

عن امتحان الرياضيات أتحدث!
شروق طومار شروق طومار

لن يكون هذا المقال سابقا لأوانه ولا متأخرا عنه، فأنا أتحدث عن امتحانٍ تم إجراؤه بكل مافيه من تجاوزات على السياقات التي كان ينبغي لوزارة التربية والتعليم أن تأخذها بعين الاعتبار، وأيضا على الاعتبارات النفسية التي لم تكن أبدا في حسابات الوزارة.
في السياق الأول، ينبري سؤال لا يمكن غض الطرف عنه؛ لماذا كان إصرار الوزارة على أن تبدأ باختبارات الرياضيات؟ الرياضيات مادة أساسية وغالبا ما يقيم الطلبة أنفسهم استنادا إلى أدائهم في اختبار هذه المادة بالذات، خصوصا لطالب الفرع العلمي الذي يأخذ في اعتباره دراسات مستقبلية معينة ينوي التوجه إليها.
لكن، ليت الأمر بقي عند حدود اختبارات الفرع العلمي، ففي اعترافات الوزارة هنالك ما لا يقل عن ألفي ورقة امتحان لاختبارات الرياضيات للفرع الأدبي كان فيها أخطاء في ترتيب الفقرات، ما ترتب عليه تشويش كبير للطلبة الذين أجابوا عن أسئلة معظمها موضوعي، واضطروا لنقل رموز إجابتهم على ورقة مستقلة خاصة بالماسح الضوئي من غير أن يمتلكوا القدرة على شرح تفصيلاتهم الذاتية لكيفية الإجابة عن هذه الأسئلة.
هل يمثل هذا السياق أداةً موضوعية لقياس تحصيلات كثير من الطلبة؟
بالتأكيد لا، أولا: لأنه لا يتوجب على جهة رسمية الوقوع في أخطاء مبتدئين يفترض أنها أسست برنامجها على أسس واضحة وموضوعية وعلمية. لكن أن تتفاجأ يوم الامتحان أو حتى بعده بأخطاء هواة، فهذا ما لا يمكن القبول به لوزارة يمتد عملها لقرن كامل.
الأمر الثاني، وفي سياق عامٍ غير موضوعي بالكامل، بدأ بإضرابٍ للمعلمين وامتد بحظر وحجر للطلبة في منازلهم بعيدا عن صفوفهم ومدرسيهم، كان الأولى بالوزارة أن تكون «حافظة لدرسها تماما»، وأن لا تسمح بتشويش أكبر للطلبة، وأن تكون معدة لكل شيء بدقة، بحيث لا تدع أي مجال لأي خطأ ولو كان صغيرا، لا أن تسمح بوقوع كوارث كالتي وقعت في الامتحان الأول.
«سقطة» أوراق الفرع الأدبي لم تكن إلا واحدة، فما أثير حول أن طالبا بالفرع العلمي قدم بسبب خطأ ما ورقة لامتحان الفرع الأدبي لا يمكن وصفه إلا بالكارثة، فالطالب قدم امتحانا خاطئا بكل أريحية ثم خرج وهو راضٍ عن نفسه تماما بما قدمه. ليتفاجأ بعدها بأنه لم يقدم أي شيء في امتحانه المفترض، ثم لنفتح جميعنا باب السؤال حول مصير هذا الطالب أو الطالبة؟!
وبالتأكيد يحق لنا نتيجة ذلك، أن نقلق بشأن مصير الطلبة جميعهم في هذا الامتحان برمته؛ إذ إن الترهل الذي سمح بوقوع أخطاء كهذه ربما يكون قد سمح بوقوع أخطاء أخرى عديدة بنفس الحجم والتأثير أو أشد، لكنها لم تكتشف بعد!!
منذ اليوم الأول لبداية العام الدراسي كان هناك حمل كبير، وكان ينبغي على الوزارة أن تتحمله، وهي للأسف تحملته شفاهية، لكنها على أرض الواقع لم تتحمل أي شيء منه، وامتدت ادعاءاتها حتى اليوم لنتفاجأ بكثير من الممارسات التي ما كان ينبغي لها أن تستمر فيها.
أسئلة الامتحان ونوعيتها مثلا ليست سوى واحدة من هذه الممارسات، خصوصا حين نعلم أنها تضمنت أربعين سؤالاً رياضيا للفرع العلمي ينبغي على الطالب إجابتها خلال ساعتين؛ أي في 120 دقيقة، بمعنى أن هناك ثلاث دقائق للسؤال الواحد، وهي أسئلة موضوعية، وبالتالي فإن إجابة الطالب النهائية هي التي تحدد علامته على عكس ما تعود طلبتنا عليه بأن سياق الحل وخطواته يمكن أن تمنح بعض العلامات للطالب، وأحيانا تمنحه معظمها.
في الامتحان الأول ثبت الفشل الكبير، وأنا أكتب عن سياقات الامتحان الأول، ولا علم لي بما يمكن أن تأتي به الوزارة من اختراقات أو إخفاقات صغيرة أو كبيرة فيما يأتي بعده من امتحانات.
لكن، قيل في الأثر «المكتوب يظهر من عنوانه»، والعناوين تتأتى مما تسير عليه بدايات الأمور، وبدايات هذه الوزارة في التعامل مع ملف التوجيهي والتي تكللت ببداية الامتحانات كانت محبطة ومخزية ولا تتناسب مع سياقات العام الدراسي غير المتوازن للطلبة، ويمكننا القول إنها لم تكن أبدا على قدر المسؤولية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى