هيا بنا نلعب

هيا بنا نلعب ..
هيا بنا إلى سجن الجويدة ..

بقلم النزيل السابق: محمود الشمايله

الأمر لا يعدو عن كونه رحلة شقاء بعد غناء او عناء ..
(حط النقط فوق الحروف// خله يشوف خله يشوف).

هكذا فعل احمد …( حط النقط فوق الحروف)
عزيزي المبدع أحمد الزعبي عليك أن تعلم أن المسافة بين قصر العدل وسجن الجويدة اطول بكثير من حبل اوجاعنا .
أبتسم حين ترتدي معصميك قيد السجان فامامك مشوار طويل ( نهار الطحان نهار) .
وحين تبتلعك الزنانة المتحركة ما عليك الا ان تستحضر كل ما تعرفه عن نبي الله يونس في بطن الحوت او سيدنا يوسف في قاع الجب او رفقاء السجن من أحرار الوطن الذين سبقوك….فهذا قدرك وان تأخر قليلا أو كثيرا ..

مقالات ذات صلة

حين تصل الجويدة وتداهمك رائحة الكباب والشقف التي تتقلب فوق الفحم لا تتفاءل كثيرا هي ليست لك .

واذا دخلت السجن ما عليك الا ان تتصرف وكأنك تملك المكان كل شيء هنا هو لك أقسم لك على ذلك ..
ستجد هنا الكثير من الأوجاع والامال ستجد الكثير من الظلم .. ولا يفوتني أن أذكر لك نزلاء المهجع الأول على يسارك وانت داخل. هو خاص بالوافدين الذين اختلط عرقهم بصبات الباطون وزفتة الشوارع وأغصان الزيتون..
ربما هم دخلوا السجن لأسباب تتعلق بالإقامة وتصاريح العمل ايضا .. معظمهم يملك كل شيء إلا المال.

عزيزي احمد ..
تصرف كأنك صاحب الأرض وصاحب الفكرة ..
اياك ان تضعف ….انت لست وحيدا
فقط ابتسم حين يلتف حولك النزلاء المقهورين مثلي ومثلك يرحبون بك على طريقتهم، أحدهم سيحضر لك ( قهوة تركية بماء فاتر ) لا تغضب يا عزيزي فهذا أقصى ما لديهم ..

لست وحيدا ابدا ..
ربما انك لن تجد من تعرفه هنا ولكن ..
الجميع يعرفك تماما ..
انه الوجع الذي يعاني منه الوطن حين كانت كلماتك بمثابة مضاد حيوي او هرمون يرفع خلايا عشق الوطن ..

تذكر يا عزيزي ان هناك شهداء قضوا نحبهم من أجل الوطن…
في حين كانت أمهاتهم تتمنى السجن بدل الموت ذات دمعة.

عزيزي احمد : في السجن ستقابل( قط) يسكن في الازقة بين المهاجع هو صديق لجميع النزلاء..
لا تستغرب ذلك ..
هذا القط هو صديقي ايضا…. أحببته كما احبني .
واذا سألت عن سبب وجوده فالأمر لن يخلو من غريزة حب الاوطان .
فهذا القط يا عزيزي ولد في السجن وعندما أشفق عليه الحراس أخذوه الى سوق الجويدة بالقرب من المطاعم التي تبيع اللحم المشوي بكافة أصنافه … القطط هنا تحضى بالكثير …
غير أن هذا القط لم يعجبة كل هذا الضجيج حتى لو كان مقترن بوجبات دسمة.، فقد عاد إلى السجن بعد أن تسلق الجدران وتجاوز الإسلاك الشائكة ونال ما نال من وخزها حتى وصل إلى ساحة السجن… تكررت العملية عدة مرات غير أن القط لم يستسلم…. حتى تركه الحراس يعيش في وطنه بسلام.

هذا هو سر القط يا عزيزي ……. بامكانك القول أن هذا القط يمتلك من الانتماء ما يجعله يخسر حياته مقابل العيش في مسقط رأسه..
لا تكترث كثيرا ..
ولكي تتجاوز الألم عليك ان لا تفكر فيه ..
انصت جيدا لحكايات الموجوعين داخل السجن، عليك ان تبحر في عوالم لا تعرفها الأمر هنا يشبه ( الدخول إلى الخارج) عالم استثنائي حد الدهشة ..
هي رحلة مؤقتة لن تطول بإذن الله ولكنك حتما حين تخرج ستكتب لنا اوجاعا جديدة عن شباب بعمر الزهور كانوا ضحية الفساد التي شغلت نفسك فيها طوال عمرك ..

انت لست وحيد..
جدران السجن تعرفك جيدا.
ونزلاء السجن هم ملامح الوطن التي ترسمها على شكل سنابل قمح وأغصان زيتون…

فما زالت سجون الوطن رحيمة حين تكون جزء من اوجاعنا .

هيا بنا نلعب ..
او حتى نغني ……
هيا بنا إلى سجن الجويدة …نحتسي فنجان قهوة تركية بماء فاتر او نحتسي كأس خيباتنا بملاعق الالم..

احمد …. يا وجه الوطن خلف القضبان.

اخوكم النزيل السابق : محمود الشمايله

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى