” أنتِ ثورةٌ “هدمٌ أم بناء للثوابت ؟! / ديما الرجبي

” أنتِ ثورةٌ “هدمٌ أم بناء للثوابت ؟!
ديما الرجبي

ثورة .. إسمٌ أطلق على فتاةٍ سورية يتيمة تبلغ من العمر ثلاث سنواتٍ من حلب الشهباء، إختارته مجموعة من الحاضنين لليتامى الناجين من المجازر حيث أنها سُميت ثورة لأنهم لم يعرفوا اسمها .

وربما لأنها دفعت ثمنهُ فراقاً ودماً ودمعاً على استشهاد ذويها

حيث أن وجهها الصغير يشهد بندباتهِ وحروقهِ على ” ثورة” وجروح رأسها الذي شق طريقاً لا أعلم هل سيرمم أم سيبقى كخارطة الطريق الجديدة التي تُرسم للشرق الأوسط ؟! خير دليل على مدى إستحقاقها لهذا الإسم …

مقالات ذات صلة

وفي الطرف الآخر نسمع “ثورة” يتغنون بها مجموعة من الشباب الحالم الذين لا يقرأون من التاريخ سوى ” حرية” و ” مساواة ” ويدعون المرأة بأن تتحرر من عقلية القطيع ؟ ولا أدري عن أي قطيعٍ يتحدثون ؟ ويصفون المرأة التي تخرج عن صمتها وتكسر قيود نشأتها وتتمرد على واقعها الذي على حد وصفهم يضيق الخناق على كينونتها بأنها ” ثورة”

وشتان بين الثرى والثريا …

عذراً يا شبابنا الواعد فهذه ليست “ثورة” بل هي “بؤرة ” وإذا كنتم تتصورون بأن المرأة العربية ” مظلومة” فأنتم بصدق تائهون ؟!

إبراز المفاتن ؟ كسر القيود ؟ التمرد ؟ تلك ليست أبجديات ثورة بل هذه دعوة لإسقاط ” حشمة ” وحُرمة نساءنا اللاتي أخذن حقهن بالحرية بتعريفها الحقيقي وليس ما تتخيلونه بسذاجة تفكيركم ؟! بل هو الظلم بعينه للمرأة ؟!!

المرأة الأم والطبيبة والمعلمة والحاكمة والمحامية والقاضية …الخ

تربعت على منابر الحرية وأصبحت تُعتقل وتُحاسب وتشارك وتساهم في مجتمعها ؟!

فهل ينقصها يا شباب المستقبل أن تبرز مفاتنها ؟ لكي تكون ثورة وتتحرر ؟

المرأة القائد والشرطي والنائب التي أصبح لها حقٌ في الخطابة والتعبير عن رأيها ومناظرة أندادها وتحليل واقع مجتمعها ، هل بحاجةٍ إلى دعوة منكم بأن تكسر قيود ” عاداتها وتقاليدها ” كي تشعر بأنها ثورة ؟

ألا تعلمون بأن ” الحرية” أثقلت كاهلها وقتلت ” كينونتها” ؟!

على من تريدونها أن تكون ثورةً ؟ ولأجل ماذا؟

تريدونها ثورة على مجتمعاتٍ فقدت التوازن واختلطت أوراقها وأصيبت بفوضى الفكر المتطرف وصمتت عن قول كلمة حقٍ مسموعة عن ديننا الحنيف الرحيم العدل ؟!

تريدونها ” سلعة ” يا شبابنا ؟ ما مساحة الحرية التي تسعون إليها لنحققها لكم ؟؟

علماً بأن عدد منكم إكتفى بإبراز إسمه الأول فقط بالأغنية ،لسبب ربما هم أنفسهم لا يعلمونه؟ وهو أنهم على يقين بأن ” عقلية القطيع ” التي ينادون بأن تتحرر المرأة منها هي الثوابت ولكن ليس بهكذا مسمى بل بمسماها الحقيقي “تربية وأخلاق ودين ورفعة ” وهذا ما نشأنا عليه وتمتعنا بحريتنا المشروعة من خلاله دون إبراز مفاتننا ولا تمرد على ذوينا ولا ” بثورةٍ ” على واقعٍ لا يحتمل ” طوشة” إذا صح التعبير ، فيا هداكم الله لستم مقيدين ولا ممنوعين ولا معنفين حتى تزرعوا في عقول شبابنا المعولم فكرة “المرأة الثورة” فلا صحة ولا وجود ولا منفعة من زج المصطلحات في دهاليز العولمة لتحقيق أهواءكم الساذجة .

بل من الأولى يا بناة المستقبل أن تدعوا للعلم والفكر والتسامح وأن تتكاتفوا كي تبنوا أسس تدحر الإرهاب ولكنكم تهدمون ثوابتاً جعلها الكثير مبرراً كي يلتحقوا بالفكر المتطرف .

فما أجملكم لو خرجتم لنا بأغنية ” سنان” المسلسل الكرتوني الذي يحاكي الزمن النقي والجميل حيث يقول الشاب المهذب سنان

ما أحلى أن نعيش في خير وسلام
ما أحلى أن نكون في حب ووئام
لا شر يؤذينا لا ظلم يؤذينا والدنيا تبقى تبقى آمالٌ للجميع…
أو اصمتوا ……
هداكم الله … ولا حول ولا قوة إلا بالله

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى