سينما / د . خالد غرايبة

سينما
حدثني كثيرون من اجيال والدي ان اول دارين للسينما انشئتا في الخمسينيات في مدينة اربد كانتا سينما سمير (والتي اصبحت فيما بعد سينما الفردوس) والكائنه في شارع النزهه والتي قام بإنشائها المرحوم راجي الشمايله وسينما الزهراء في شارع الشهيد وصفي التل والتي كان يملكها الاقتصادي الكبير عبده يغمور.
لقد كانت السينما في ذلك الوقت حدثا عظيما في المدينه خصوصا أنها كانت الوسيله الوحيده للترفيه المرئي قبل ظهور التلفزيون. وقد حدثني والدي رحمه الله ان سينما سمير (الفردوس) كانت تعمل في الليالي الصيفية فقط لانه لم يكن لها سقف وكانت ساحتها فارغه بحيث تتوزع فيها الكراسي الخشبيه بشكل شبه عشوائي امام شاشة العرض وكانت قيمة التذكرة ٣ قروش.
و مما سمعت ايضا انها كانت تخصص يومين في الاسبوع للعائلات فقط فكان الرجال ميسوري الحال يصطحبون نساءهم بلباس السهر (السواريه) ليستمتعوا بمشاهدة فلم عربي او اجنبي كنوع من الترويح عن النفس في ذلك الزمن الذي لم تتوفر فيه اي من وسائل الاتصال مع العالم.
ومن طريف الامر ان أصحاب السينما كانو يسمحون لفقيري الحال ان يدخلو الى ساحة العرض بشرط احضار كرسي ليستعمله زبون اخر لم يتوفر له كرسي بينما يقومون هم بالجلوس على الارض.
لقد اثرت التحولات الاجتماعبه والاقتصادية لمدينة اربد على سينما الفردوس فتحولت في السبعينيات الى سينما حديثه ولكن للذكور فقط اذ ان حرب عام ٦٧ ادت الى تغيرات كبيرة بالنسبة لخروج المرأه ولباسها. واصبح للسينما في تلك الفترة سقف اسمنتي وواجهة حجريه جميله واصبحت تتكون من صالة ارضيه ذات مقاعد خشبيه ثابتة وشرفه (اللوج) ذات مقاعد جلديه منجدة تكون تذكرتها اغلى من “الصالة”.
اما في الثمانينيات، الفترة التي وعيتها، فقد بدأت نهاية سينما الفردوس مع توغل التلفزيون وانشغال الناس به عنها، فقل مرتادوها بالتدريج الى ان جاءت التسعينيات وتحولت الى وكر للشباب الباحثين عن الاباحيه التي ادت الى موتها الحزين تماما مع بداية الالفيه الثالثة وبدا ان المدينة فقدت الكثير مع اندثارها.
كانت السينما اسلوبا راقيا للترفيه و بنفس الوقت كانت ثقافة ووسيله للتعلم وتنمية الخيال ولا زالت كذلك في كثير من دول العالم.
لقد بدأت الان مرحلة جديدة لثقافة السينما قبل اقل من عام مع ظهور سينما “المولات” في اربد ولكن اعتقد ان روح السينما والقها اللذان كانا يضيفان للمدينة مظهرا من مظاهر المدنية والرقي ماتا منذ ان ماتت دار سينما الفردوس.
ودمتم

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى