“نيويورك تايمز”: نهاية استقرار آل سعود تقترب

سواليف

اعتبرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، أنّه يجب على السعوديين أن يكونوا قلقين الآن، فبعد أن اعتمدت المملكة العربية السعودية لعقود، الحذر أثناء المواجهة في الشؤون الدولية، وحرصت على الاستقرار في الداخل، كما أبقت على المنازعات داخل الأسرة المالكة محدودة، تم تفكيكها اليوم من قبل ولي العهد الشاب “الطموح”، الأمير محمد بن سلمان، الذي سيطر على جميع أدوات السياسة والقوة في المملكة.

ورأت في مقال نشرته الأربعاء، أنه مع حملة الاعتقالات الأخيرة التي شملت الأمراء ورجال الأعمال، أنهى ولي العهد، حقبة طويلة الأمد، قامت على السعي إلى توافق الآراء بين الحكام السعوديين، أو على الأقل القبول بالجميع، من فروع الأسرة ومن النخبة، ورجال الأعمال في البلاد.

وذكّرت بأنه بعد وفاة الملك عبد العزيز آل سعود المؤسس للبلاد عام 1953، تعطلت السعودية لمدة عقد من الزمن بسبب صراع على السلطة بين خليفة الملك سعود، وولي العهد حينها الأمير فيصل.

وسيطر الملك سعود على الخزانة الوطنية، في حين حاول الأمير فيصل حشد الأمراء الآخرين إلى جانبه، وتم تأجيل مشاريع التنمية العاجلة، وانتهى عهد الملك سعود عندما أجبرته الأسرة على الخروج إلى المنفى في عام 1964، ليتولى الأمير فيصل العرش السعودي.

ولفتت “نيويورك تايمز” إلى أنّ “الأسرة الحاكمة تعلّمت دروسا قاسية من تلك التجربة، فمنذ ذلك الحين وحتى الآن، حافظ آل سعود على الاختلافات الأسرية داخل الأسرة، ومنعوها من الخروج للعلن، في الواقع، في السنوات التي كان فيها حاكما للرياض قبل أن يصبح ملكا في عام 2015، كان سلمان بن عبد العزيز آل سعود، معروفا كوسيط لحل المنازعات الأسرية”.

وفي حين اعتبرت وسائل الإعلام السعودية، أنّ الاعتقالات التي جرت في نهاية الأسبوع، هي حملة قمع ضد الفساد، إلا أنّ الأثر الواضح لهذه الحملة كان تعزيز قبضة ولي العهد على البلاد، وتحذير أي معارضين محتملين ليظلوا صامتين.

وأضافت الصحيفة “من المثير للسخرية أن أسرة حاكمة استفادت من الفساد منذ عقود حتى الآن، تدعي اليوم، أن الفساد غير مقبول ويجب محاربته. ومن الصعب أن نصدق أن هذا هو الدافع الحقيقي لإطاحة الأمير متعب بن عبد الله، الذي كان قائد الحرس الوطني، وهي قوة نخبة قوامها 100 ألف فرد تشكل حجر الزاوية في الأمن الداخلي للبلاد. وحتى نهاية الأسبوع، كان الحرس الوطني قبلي الجذور، هو الوحيد من ضمن قوات الأمن السعودية التي لم يكن بن سلمان يسيطر عليها بعد، وبالتالي كان يمثل مركزاً محتملاً للمنافسة، وقد تم تحييد هذا التهديد الآن.

وقد تم تدريب الحرس الوطني من قبل المقاولين العسكريين الأميركيين منذ سبعينيات القرن الماضي. كما أن القوات المسلحة النظامية، التي يسيطر عليها بن سلمان، أيضا كوزير للدفاع، هي أيضا مدربة ومجهزة بشكل جيد. وعلى المدى القصير، يبدو أنه لا يوجد سبب يدعو إلى الاعتقاد بأن الاضطراب في الرياض سيعرض للخطر، شراكة المملكة مع الولايات المتحدة في القضايا العسكرية والاستراتيجية.

وبعد الاعتقالات الأخيرة بادر الرئيس الأميركي دونالد ترامب لدعم ولي العهد على الفور، وكتب على “تويتر” أن حملة مكافحة الفساد قد تأخرت وأنهم “يعرفون بالضبط ما يفعلونه”. ولكن بحسب “نيويورك تايمز” من غير المرجح أن تشجع حملة الاعتقالات، الاستثمار الاقتصادي الأجنبي، الذي تحدث عنه ولي العهد كمستقبل للمملكة اقتصادياً.

ومنذ صعوده إلى العرش في ربيع عام 2015، منح الملك سلمان سلطة متزايدة إلى الابن المعروف سابقا الذي أصبح ولياً للعهد، متقدما على اثنين من أبناء عمومته ممن كانوا في هذا الموقع. وبالإضافة لكونه وزيرا للدفاع، فالأمير محمد بن سلمان هو رئيس اللجنة المشتركة بين الوكالات المسؤولة عن الشؤون الاقتصادية، بما في ذلك السياسة النفطية. وفي وقت سابق من هذا العام، سيطر أيضا على وزارة الداخلية، التي تضم الشرطة.

ومع توليه وزارة الدفاع، سرعان ما خرج بن سلمان عن قاعدة بلاده طويلة الأمد، بتجنب المواجهة المباشرة في الشؤون الدولية، فدفع بلاده إلى الحرب ضد جماعة الحوثيين المتمردة التى استولت على السلطة في اليمن الجارة.

إن الصراع اليمني، الذي أصبح الآن في عامه الثالث دون نهاية واضحة في الأفق، قد ألحق أضرارا لا تحصى بما كان يعد بالفعل أكثر البلدان فقرا في العالم العربي، ولكن لم يكن هناك رد فعل يذكر في المملكة العربية السعودية لأن الحكومة قد أقنعت الناس على ما يبدو أن الحرب في اليمن كفاح ضروري ضد تهديد إيران التي تعتبرها الداعمة للحوثيين.

كذلك، قاد بن سلمان الحملة التي أدت لحالة تمزق بين السعودية وبعض حلفائها من جانب، وقطر من جانب آخر. وقد أدت سياساته لعرقلة الجهود الدبلوماسية الرامية إلى إنهاء الأزمة، إلى تعطيل الحياة الأسرية والتجارية في جميع أنحاء الخليج، وعرضت للخطر الجهود الأميركية الرامية إلى مساعدة دول الخليج العربية على تنسيق سياساتها الدفاعية وتزويدها بالمعدات، بحسب الصحيفة.

وأضافت “لا توجد في البلاد نقابات أو أحزاب سياسية أو قنوات أخرى للمعارضة المنظمة، وقادة المؤسسة الدينية هم موظفون في الحكومة، ويميلون إلى العمل وفق أوامر القصر. والسؤال الأكثر إلحاحا الذي يواجه ولي العهد هو كيف سيتم التفاعل مع آخر تحركاته داخل الأسرة الحاكمة”.

على أي حال، يبدو من الصعب فهم كيف سيؤدي احتجاز الأمراء إلى تعزيز وحدة الأسرة التي تشكل حجر الأساس للنظام.

إلى ذلك، اعتبرت الصحيفة أن “المملكة العربية السعودية كانت شريكاً اقتصاديا واستراتيجيا مستقرا وموثوقا للولايات المتحدة على مدى عقود، إلا أن الوضع لم يعد كذلك بعد الآن”.

العربي الجديد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى