نظارة ضريرة ….

نظارة ضريرة ….

مجد الرواشدة

عشرُ سنين وأنت ِ ورد الهنا في عمرنا ، وأنت دحنونةُ تسكن في بوادي قلوبنا ، حتى وان غفلنا عن سُقياك تُزهرين ، حتى وان مضينا في سواقي العمر تهرعين عز علي يا أمي أن تتآكل ملامحك أمام ناظرنا ، باكراً اقعدتكِ الحياة وحرمكِ المرضُ التجوال في زوايا بيتك ولكن لم لا تكفينَ عن التجوال في شوارع ذاكرتنا المهترئة ، لما تكثرين الحبو على أرضية قلوبنا التي هشمها رحيلك .
ما كان المرض ليخطأك حين انتقاك ولكنه كان عجولاً كما أنتِ ، انهك شبابك الذي قضتيه تبرئين جراح المارة في عمرك ، تطبطبين بكلتا يديك اللتين قوسهما ألم المفاصل ، ما كنتِ يوماً أم كنتِ دوما ً قبلة ، قبلتنا حين نضل وحين نهفو وحين نتوه أنت بوصلة المسرة بعمرنا ، قولي لي اما زلتِ تتألمين ؟ ، هل عدتِ تسيرين بقدميك ؟ هل خف وجع مفاصلك ؟ ، هل لبست ِتلك العباءات التي خبأتها على أمل أن تعود عافيتك ؟ ، هل عدتِ تُصلين وتركعين وتسجدين أم ما زلت ترتكنين على زواية الغرفة وتحركين عنوة بدنك الذي ماهان على المرض الا ليستوطنك ، ويتخذ من بدنك موطئا.
أم عُبادة …
حين يقولون مات فلان بعد صراع مع المرض ربما كان يمشي ربما كان يرى كان يغفو أحياناً حين يصمت الألم ، ما عرف أحد تلك المعارك التي خوضتيها حين كان المرض يهاجم أبهى وأنقى امرأة بالكون ، لم تكن رحلتك مع المرض أعوام بعد كانت أياماً تمضي وكأنها تدور تنامين تسيرين تفيقين متخدرة الأطراف عليله البدن ، ما يؤلمني يا أمي أنك استعرتِ دموعك حتى البُكاء حُرم على جفونك تقطرين عيونك بالدمع الصناعي بتلك اليدين اللتين رغم الورم والتصلب حنونتان لطيفتان كما أنت ِ.
في بيتنا … كل ذكرياتك موجوده كل صورك حاضرة حتى أسماء أدويتك نحفظها أسماء أطبائك وعياداتهم ، عشنا معك رحلة المرض من فرط ألمنا عليك قصرنا ، من فرط هلعنا من فقدك تآكلنا ، أمي لمن كان يعرفك كان لديكِ نظارة رغم أنك فقدت نصف بصرك إلا أننا اعتدنا أن نراك بهما ، وهذا هو حالنا بغيابك رغم أننا فقدناك يا بصيرة عيوننا ما زلنا نرتدي نظارة الأمل ، نظارة الجبر نعلم أن عيوننا فقأت مذ فقدناك إننا عميان دونما حنانك فهلا عدت يا بصيرتنا .
الغريب يا أمي أننا نمسح نظارتك كل حين ، إننا على يقين أن عين الله وعينك ترانا وترعانا .
لمجد ٣/٢١

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى