نص استقالة القطامين التي قدمها للخصاونة

سواليف

قال وزير العمل معن القطامين، إنه تردد في الدخول إلى حكومة الخصاونة، في البداية خوفا من ألا “تتاح له الفرصة بالإسهام ولو بجزء بسيط في وقف التدهور في اقتصاد الوطن”.

جاء ذلك في نص استقالته التي قبلها رئيس الوزراء، بشر الخصاونة، وصدرت الإرادة الملكية بالموافقة عليها في وقت سابق. 

واعتبر القطامين في نص استقالته الذي نشره موقع “عمون”، أن التعديل الوزاري وسحب ملف الاستثمار منه تبديل في النوايا والاتفاق بينه وبين الخصاونة قبل الدخول في التشكيل الوزاري.

وأكد القطامين رفضه التخلي عن ملف الاستثمار بعد أن قطع شوطا كبيرا في هذا المجال، مشددا على أن وجوده منذ اليوم الأول في الحكومة كان يهدف إلى “المشاركة الفاعلة في النهوض بالاقتصاد برمته على الرغم من الجهود التي بذلها في تنظيم سوق العمل والتي وإن كان لها أثر جيد على تعزيز فرص العمل الا أن الحل الحقيقي هو إحداث تغيير جذري في البيئة الاستثمارية في المملكة لاستعادة زخم النمو الاقتصادي المولد للوظائف”.

وقال :”لقد أخبرتك يا دولة الرئيس أني لا أبحث عن منصب وأكدت لي أنك تدرك هذا جيدا منذ لقائنا الأول”.

وتاليا نص الاستقالة:

لقد شرفت بأن حظيت بثقة جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين المفدى كوزير للعمل ووزير دولة لشؤون الاستثمار يحدوني الأمل بان أقدم ما أملك من علم وجهد وانتماء حق لوطني العزيز على قلبي وقلوب الأردنيين. حين دعوتني أن أكون في فريقك الوزاري كنت في بادئ الأمر مترددا قلقا ألا تتاح لي الفرصة أن أسهم ولو بالجزء اليسير في وقف التدهور الذي طالما نبهت اليه في اقتصاد هذا الوطن الحر الأبي.

كنت أرى أنه من الصعوبة بمكان أن نوقف النزف بعد أن أتت علينا سنوات عجاف وحكومات لم تكن على قدر المسؤولية والتحدي. لكنك أكدت لي على مدار 3 ساعات ذات تشرين من عام 2020 أن المهمة وإن كانت صعبة إلا أنها ليست بالمستحيلة وأن الأردن يستحق منا المحاولة والتضحية فقبلت النداء لأنه نداء من سيد البلاد في وقت يعتبر وقت محنة لا يجب على أي أردني شريف أن يتفادى أن يكون في فوهة البركان ان اقتضى الأمر ذلك.

وجاء اقتراحكم لي بان ما يمكنني عمله هو أن أسخر طاقات الأردن الاستثمارية لخلق فرص عمل فكانت حقيبتي العمل والاستثمار هما الخيار الذي قبلت وألقيت بجلي في الجة هذا التحدي وإن كانت الأغلبية تتنبأ لي بالفشل والخذلان مرتكزين على رؤية مفادها أن الفوت قد فات وأن الفريق غير متجانس وأن البيروقراطية التي أوصلتنا الى مهاوي العجز ما زالت ماكينتها تعمل باقتدار . سمعت ما كان يتردد من صدى أصوات تثنيني عن الخوض في غمار هذه المحاولة الا أن خوفي على الوطن ونداء خفية من أعماق وطنيتي دفعني الى الأمام مقدما احتمالات بلوغ ما فيه المصلحة العامة على احتمالات الخسائر الشخصية فوضعت يدي في يدك. ومرت بنا الأيام سريعة ونحن نناور فيروس الكورونا الذي تارة ما تغلبنا عليه وتغلب علينا تارات، وحاولت قدر المستطاع أن أكرر التنبيه إلى أن الجائحة الحقيقية ليست الا مزيجا من الفقر والجوع اللذان بدءا يزحفان الى بيوت الأردنيين من كل حدب وصوب وأمست آمال الشباب في مهب الريح بأن يجدوا فرص عمل وبدأ الاقتصاد بالتأكل والقطاعات الاقتصادية تنوء بحملها في حين كانت الاستجابة الحكومية واهنة لا تشي بانها ستسند ما قد يميل فتمنعه من السقوط ولا تؤسس لبنيان مستقبلي قد يوفر ظلا يستظل به في هجير الأيام القادمة.

وتوالت المفاجآت فانخفضت ميزانية برامج التشغيل الخاصة بوزارة العمل ومؤسساتها الرديفة بشكل خطير، فمثلا انخفضت موازنة برنامج خدمة وطن من 10 ملايين دينار لعام 2020 الى مجرد مليون دينار لعام2021 فأصبحت موازنة وزارة العمل 9 ملايين دينار تقريبا بدلا من 19 مليون دينار في العام الذي سبقه. مليون دينار للتشغيل والباقي رواتب ونفقات. كيف تخفض موازنة التشغيل في وقت لابد فيه من تدخل حكومي مضاعف لخلق فرص العمل؟ ولماذا الآن؟ فكانت الرسالة واضحة لي بأن وزارة العمل ليست معنية بالتشغيل ولن تكون قادرة عليه. فانتقلت من فوري إلى التركيز على الاستثمار وعملت قصارى جهدي لأكشف أسباب تراجعه وكيف لنا أن ننتقل به الى دائرة الاهتمام الحقيقي، في الاستثمار هو من يخلق فرص العمل وخصوصا في المحافظات الأكثر بطالة والأشد فقرا ولكني أيضا لم أجد حماسة لهذه الفكرة التي حاولت أن أطرحها مرارا وتكرارا فلم أجد الا التباطؤ والانشغال بغيرها من الأمور فحسمت أمري على أن أوصل الفكرة وأوصلتها من خلال فيديو. كم شعرت بالوحدة وأنا أجتر أفكاره تبنتها الدول التي حولنا فأصبحوا وجهات مهمة لتدفق الاستثمارات حتى أنهم بدأوا باستقطاب مستثمرين أردنيين فأصبحت الأردن طاردة للاستثمار لا جاذبة له وهو العكس تماما لرؤى جلالة الملك المفدى. وضعت خطة متكاملة مبنية على التشاور وطرحتها على الحكومة وعلى الشعب الأردني بأكمله مدفوعة بمسؤوليتي التي تقتضي أن أكون شفافة وأن أسمي الأسماء بمسمياتها وأن أضع الجميع أمام مسؤولياتهم وأن أوصل فكرة مهمة هي أن الاستثمار هو مسؤولية مجلس الوزراء برمته لا مسؤولية وزارة واحدة. وكم شعرت بالأسى أنني ولغاية هذه اللحظة لم يتم إطلاق يدي لكي أقوم بما يتوجب علينا القيام به وهو البدء وباسرع وقت ممكن ببذر بذور التغيير في مجال الاستثمار الذي لا يؤتي أكله في صبيحة اليوم التالي لإصلاح أرضه بل يأخذ قدرا طويلا من الزمن قبل أن يقدر لنا جني ثماره من فإن البدء الفوري هو الضمان الوحيد لاستجلاب المنافع قبل أن يبلغ سيل البطالة الزبي.

وفي خضم هذا الصراع أتى التعديل الوزاري الأول على حكومتكم وطلبت مني أن أقبل بوزارة العمل وأن أتخلى عن حقيبة الاستثمار. حوار طويل يا دولة الرئيس لم يقنعني بهذه الخطوة غير المفهومة مطلقة فكيف تطلب مني أن أتخلى عن الاستثمار وهو الخيار الوحيد لنا، كما وأنني قد قطعت به شوطا ما كان لمثلي أن يتخلى عنه، حين تقدمت بأفكاري وسمعتك تشيد بها علنا وتطلب مني أن أرفعها إلى مجلس الوزراء أحسست بأننا نقترب من صنع مستقبلي حقيقي لشباب وشابات هذا الوطن، أحسست أني لم أخطئ بقبولي أن أكون جزء من حكومات فقدت ثقة المواطنين بها. أحسست أني أقدم لوطني شيء مهم وأن ما كنت أقوله لسنين خلت بأن الإصلاح صحيحا احسست اثر نسير على ما اتفقنا عليه عندما بدأنا في هذه المهمة الوطنية الصعبة وببساطة شديدة أحسست أن ظني لم يخيب. لكني اليوم شعرت بأنني شقیت بحسن ظني وأن هذا التعديل انما هو تبديل في النوايا لا غير. لقد سألتك دولة الرئيس أثناء لقائنا بالأمس كيف لك أن تفسر للناس كيف استبعدت ذاك الذي أنار شمعة في ظلام الاستثمار وأيدت مراميه بقولك “أنه سيكون هناك ثورة في الاستثمار” ولم تجبني. وخصوصا أن إصرارك كان كبيرة أن أقبل بوزارة العمل بعيدا عن الاستثمار، حيث أنني ومنذ اليوم الأول كان سبب وجودي هو المشاركة الفاعلة في النهوض بالاقتصاد برمته على الرغم من الجهود التي بذلتها في تنظيم سوق العمل والتي وإن كان لها أثر جيد على تعزيز فرص العمل الا أن الحل الحقيقي هو إحداث تغيير جذري في البيئة الاستثمارية في المملكة لاستعادة زخم النمو الاقتصادي المولد للوظائف. أخبرتك دولة الرئيس أنني لا أبحث عن منصب وأكدت لي أنك تدرك هذا جيدا ومنذ لقائنا الأول فلماذا آثرت أن أحصل على منصب فقط لا على فرصة حقيقية للتغيير؟

سؤال ربما سيجيب عليه الزمن، ولكني حين قبلت أن أكون وزيرا في حكومة جلالة الملك المفدى أقسمت أن أكون مخلصا للملك وأن أخدم الأمة أما اليوم وأنا في خضم حيرتي والتساؤلات التي تعصف بي حول مدى إمكانية أن نرى ضوء في نفق يزداد ضيقة أجد أن التعديل الوزاري، والذي اطلعت عليه فقط بعد أن أقسمنا اليمين الدستوري، لم يات بجديد ولا يحمل أي تغيير يذكر فيما يخص المسار الاقتصادي وأن ثورة الاستثمار يبدو وكأنها ثورة عليه وأن قبولي بوزارة العمل في ضوء تعديل وزاري غير ذي أثر في الشان الاقتصادي والاستثمار يعكس حقيقة الاهتمام الملكي ورؤى جلالة الملك أدركت أننا إنما نحرك حصى في قذر، في حين وكما قال بالأمس سمو ولي العهد الأمير حسين بن عبدالله “أننا لا نملك لا الوقت ولا الصبر”.

ولأني أقسمت أن أكون مخلصا للملك فإنني أرسل إليكم برسالة دولة الرئيس الأفخم مفادها أنني حين وضعت يدي في يدك وضعتها من أجل الوطن واليوم إذ تسحبها أنت فإنما الخاسر هو الوطن، لذا أجد نفسي مضطرا ألا أخذل الوطن ونه جوة الملك ولمن وعدتهم من أبناء الوطن ألا أخذلهم، ولأن الأردن يستحق الأفضل فأنا أعتقد، كما تعتقد تماما، أن المبادئ لا تتجزأ بناء عليه فإنني أتقدم من دولتكم بطلب قبول استقالتي من وزارة العمل راجيا من الله عز وجل أن يقبلها مني قبل أن تقبلها، وأن يهديكم سواء السبيل لما فيه من خير للشعب الأردني العظيم في ظل صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله وأدام ملكه.

حمي الأردن وقيادته الحكيمة وشعبه العظيم .

وتقبلوا فائق الاحترام

معن مرضي القطامين

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى