بين الحب والغضب / جروان المعاني

بين الحب والغضب

ما بقي ركن في العالم العربي الا فيه ما يكفي من الاسباب لاعلان الغضب على الحياة، ومن يغضب على الحياة يصبح شريرا يحطم كل شيء في طريقه، وبعيدا عن البحث في اسباب هذا الغضب يكفينا ان نعرف ان الغاضب يفقد السيطرة على عقله وبقية حواسه فيتصرف بغباءٍ شديد.
لعل اقصر طريق الى الهلاك هو سرعة الغضب، ومع ذلك لنا اكثر من سبعين عام نغني (متى ايها العربي ستغضب)، كانت غايتنا من الغضب ان نجعل اسرائيل تتوقف عن تماديها في قتلنا، وكنا نتبعُ ساستنا بكل خطوة اعتقادا منا انهم لا بد يوما سيغضبون من افعال اسرائيل، خصوصا بعد هدر كرامتهم في الحروب التي خاضوها.
متوالية الغضب في دنيا العرب عجيبة، فمع كل غضبة ننتج اغنية تمجد الحاكم، او يقوم احدنا بقراءة شيء من القرآن او الانجيل وندعوا بدعاء نرى لعنته تنعكس علينا سلبا ولا تمس العدو بشيء.
حين غضب خروتشوف من العدوان الثلاثي على مصر عام1956م خلع حذائه وضرب به على منصة الامم المتحدة، خوفا على مصالح بلاده فتوقف العدوان من فوره، وبعد ذلك تفنن العالم في خلق الغضب بدنيا العرب لكنه غضب سلبي جاءت نتيجته عكسية ادت الى تدمير البلاد، وتشرذمنا الى حد غير مسبوق ففر العلماء والمفكرين باتجاه الغرب وتركوا الشعوب تُستباح وقدم العالم لاسرائيل السلاح في حين اكتفينا نحن بالغناء للزعيم وقتل كل من يرفض الغناء له .
في بلدي الاردن نمتلك قدرة عجيبة على كتم غضبنا، ليس خوفا ولا جبنا ولا عملا بالحديث الشريف القائل (ليس الشديد بالصرعة انما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) فاذا ما علمنا انه لا حلم ولا عفو إلا مع الاقتدار، ادركنا سر تحملنا لكل ما يجري من استهتار بمشيئة الشعب وقمع لحرية التعبير والتلويح دوما بأن الأمن والأمان هما غايتنا مهما وصلت درجة عُرينا وفقرنا او اي ذل يلحق بنا، حيث لا يريد الناس تكرار ما وصلت اليه الامور في بقية البلاد العربية وخصوصا سوريا، ولكن العجيب ان الحكومات المتتالية تحشرنا دوما في زاوية الغضب والحمد لله اننا لا نغضب ..!!
قرأت تأوليات عديدة عن سر صراخنا بأعلى أصواتنا عندما نغضب ؟ ألا يمكن أن نتحدث بصوت هادئ ؟

واعجبني الجواب التالي:
عندما يغضب الناس من بعضهم ، تتباعد القلوب ولكي يتغلبوا على تلك المسافة الفاصلة بين قلوبهم، يلجؤون لرفع الصوت والصراخ كي يسمع بعضهم الآخر، فكلما زاد الغضب احتاج الشخص للصراخ بصوت اعلى لأن القلوب تبتعد كلما غاب العقل.
ولكن ماذا يحدث عندما يحب الناس بعضهم البعض ؟
إنهم لا يصرخون بل يتحدثون بلين وهدوء لأن قلوبهم قريبه من بعضها، وكلما تزايدت المحبة يقتربون من بعضهم بشكل أكبر ويكتفون بالهمس حتى الهمس لا نحتاجه فنكتفي باللمسة و النظر الى بعضنا وحتى تكتمل الفائدة من المقال انصح نفسي واياكم :
(عندما تدخل في جدال، لا تسمح لقلبك بالابتعاد، لا تتلفظ بكلمات تزيد من المسافة بينكما، فربما يأتي يوم تكون فيه المسافة شاسعة جدا حتى أنك لن تستطيع أن تجد طريق العودة) ويا ربي سلم.

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى